ليت قادة الفصائل المسلحة.. الذين اجتمعوا في العاصمة الفرنسية "باريس" خلال الأيام الأربعة الماضية حاولوا قراءة متغيرات المشهد السوداني بكل دقة.. وليتهم استمعوا إلى رسالة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته "باراك أوباما" التي وجهها إلى دولتي السودان، وجنوب السودان. بكل يقين لم يعد العمل السياسي من خارج البلاد ذو جدوى، فالمجتمع الدولي– كله وليس أمريكا وحدها- يوشك على ترسيم واقع عالمي جديد.. فيه استدارة كاملة على المسلمات القديمة.. خطوط الطول والعرض السياسي تغيرت بصورة مدهشة.. فحتى إسرائيل الدولة التي كانت تُنطق في نشرات الأخبار العربية بـ (العدو الصهيوني).. ما عادت تحتل هذه الصفة.. صفة (عدو!) ولا في المرتبة سبعين بعد المئة لكل الدول العربية.. بما فيها دول المواجهة. فمثلاً.. السيد عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان الذي سبق له زيارة إسرائيل.. لو سافر إليها اليوم ربما لنصحوه (بلادك حلوة أرجع ليها.. دار الغربة ما بترحم).. فقوائم الأعداء والأصدقاء تعرضت إلى فك تسجيلات شامل!. في مثل هذا الطقس العالمي الجديد.. الأجدر أن تتفق الحركات المسلحة على (خارطة طريق العودة إلى الداخل).. ابتدار العمل السياسي بديلاً للعسكري.. والاحتكام لصندوق الانتخابات.. لا صندوق المتفجرات- وصدقوني هو طريق أسهل وأسرع وأضمن وأسلم. أقترح على الحركات المسلحة أن تطالب ببرنامج (استيعاب ودمج) المقاتلين في الحياة المدنية السودانية فقط لا أكثر.. أن يجد الآلاف من الشباب الذين انخرطوا في صفوفها خلال السنوات الطويلة الماضية بديلاً نافذاً يضمن لهم الاندماج السريع في الحياة المدنية بكل كرامة.. وهو مشروع بكل تأكيد سيجد العون المالي الخارجي؛ لأن كلفته مهما كانت فهي أقل من فاتورة الحرب، ومطلوبات الإغاثة الإنسانية في مناطق الحروب.. ثم إن العائد الاقتصادي من توقف الحرب يغطي كل مطلوبات السلام العاجلة والآجلة معاً. في حال رفض قادة الحركات المسلحة النظر في خارطة طريق التسوية والمسار السياسي.. ففي تقديري أن المواطنين السودانيين في مناطق الحرب.. والمقاتلين الشباب حاملي السلاح لا يجب أن يكونوا في رهائن الوضع الراهن.. يجب في كل الأحوال السير قدماً في برنامج تنمية يستهدف المواطنين والمقاتلين معاً.. حتى وهم تحت سيطرة وإدارة الحركات المسلحة- بمعنى أن تتولى منظمات المجتمع السوداني– المحايدة والموثوق بها- برامج إنماء واسعة في مناطق النزاعات تستهدف المواطنين- عامة- والأطفال، والنساء- خاصة- ثم برامج تستهدف الشباب من حاملي السلاح- أيضاً- حتى ولو كانت هذه البرامج تحت إشراف الفصائل المسلحة في المناطق التي تقع تحت سيطرتها. الإنسان هو الإنسان في السلم والحرب.. في مناطق الحركات المسلحة، أو أي موقع في السودان.. يتأثر بصنائع المعروف، ويرتجي المستقبل الأفضل.. كل الذي يعوزه هو (الثقة).. وهي لا تُشترى ولا تُستأجر ولا تنطق شفاهة.. هي ممارسة عملية على أرض الواقع تستبينها العيون قبل القلوب. مطلوب إنهاء الحرب سياسة أو إنسانية. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة