هل بعض مهن الحياة تحتاج إلى عقل محض؟.. *وهل حين كتب الفيلسوف كانط مؤلفه (نقد العقل المحض) كان عقله (محضاً)؟.. *وهل العقل يستطيع أن يكون محضاً بعيداً عن مؤثرات النفس؟.. *بل هل تقدر النفس (نفسها) أن تنفصم عن تأثيرات البدن؟.. *أم هو يؤثر فيها؟ ويتأثر بها؟ ويستجيب لأحوالها سلباً أو إيجاباً؟.. *وأشرنا مرة إلى قصة المريض (الأديب) الذي ألغى عقله.. *ثم كادت أن تقتله نفسه عندما أوحت إليه بشيء لا يقبله عقله هذا إن كان يعمل.. *أوحت إليه بأن يربط بين عمره وشجرة تبدو من النافذة.. *فما يسقط من أوراقها- وقد كان الفصل خريفاً- هو ما يسقط من أيام عمره.. *والقليل الذي تبقى منها هو ما تبقى من (خريف) عمره.. *رغم إن عمره هذا كان (ربيعياً) ويفترض- عقلاً- أن يعينه على مقاومة المرض.. *وبعد أن لم يبقَ في الشجرة سوى وريقات انتبه الطبيب.. *أو تم تنبيهه - من قبل بعض الممرضات- إلى إدمان المريض (عد أوراق الشجرة).. *ودونما خوض في التفاصيل بدأ الأديب في استعادة صحته.. *وذلك بعد أن (استعاد) عقله محضاً- كما كان- قبل تأثره بعلل نفس طارئة.. *وخلال مشاهدتي فيلماً وثائقياً عن هتلر ألاحظ شيئاً غريباً.. *فهتلر كان ينتصر في بدايات الحرب حين كان عقله ينزع نحو التجرد.. *كان يخطط بعقل صرف معزول عن (نفسه المضطربة).. *ثم أبطرته الانتصارات المتلاحقة فزحف وهم النفس نحو العقل.. *فقد توهم أنه يمكن أن (يسود العالم أجمع).. *وتحت تأثير هذا الوهم لم يستمع لنصائح ثعلب الصحراء رومل بعدم غزو روسيا.. *أو على الأقل طالبه بإرجاء الجبهة الشرقية إلى حين.. *ثم فعل صقيع روسيا الرهيب في قوات هتلر ما فعله- من قبل- بجيش نابليون.. *وكانت بداية النهاية لمغادرة هتلر سكة الانتصارات.. *أو بداية النهاية لمغادرة صفة المحض عقل الفوهرر و(تساقط أوراق شجرته).. *فبعض المهن لا تحتمل عقولاً يسهل تأثير النفوس عليها.. *لا تحتمل سوى عقول لا يبطرها إنجاز، ولا يهزها فشل، ولا تغيّبها شهوة.. *لا تحتمل إلا عقولاً (مجردة) مثل التي تحدث عنها كانط.. *ولكن عمانويل كانط خاف على تجرد عقله من (تأثيرات) المرأة فلم يتزوج.. *وفي ظنه أن هذا هو سر (ثبات) بنائه الفلسفي.. *وربما لهذا السبب بقيت أوراق شجرته الخريفية (ثابتة) إلى ما بعد الثمانين.. *والديمقراطية (يثبت) عقلها- وورقها- لمئات السنين.. *ولا تعرف (خريف العمر!!!). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة