يلزمني أن أعترف بأني ربما أكون قد أخطأت التقدير حين كتبت في اليوم التالي لبدء العصيان المدني مقللاً منه ومؤكداً فشله بنسبة تجاوزت التسعين في المائة فقد تبين لي بعد ذلك أن نسبة الفشل لم تبلغ تلك الدرجة سيما وأن نسبةً مقدرة من الناس وتلاميذ المدارس في بعض الأحياء، خاصة الطرفية، أحجموا عن الخروج من منازلهم خوفاً من تفلتات محتملة ذاقت العاصمة منها الأمرّين في أوقات سابقة مثل أحداث الاثنين الأسود في عام (2005) عقب مصرع قرنق واضطرابات سبتمبر 2013 ومحاولة غزو أم درمان من قبل قوات خليل إبراهيم. إذن فإن جزءاً مقدراً ممن شاركوا في العصيان المدني لم يفعلوا ذلك تفاعلاً مع الدعوة إنما خوفاً على أنفسهم وأطفالهم من عنف محتمل شهد الناس نماذج حيَّة له في العاصمة خلال السنوات الماضية، فعلاوة على التفلتات العامة التي أشرت إليها عانت الجامعات السودانية في الخرطوم وخارجها من أحداث عنف راح ضحيتها عدد من الطلاب وتعطلت الدراسة لعدة أشهر ولعدد من المرات فقد أثرت تفاعلات بعض القضايا السياسية - مثل الحرب في دارفور - على الاستقرار الأكاديمي وزادت من وتيرة الخوف والتوتر وحساسية المواطنين تجاه العنف مع تأثير نفسي آخر للحروب المشتعلة في بعض أطراف السودان والتي تقضُّ مضاجع المواطنين وتوترهم بأخبارها المنقولة عبر الصحافة والوسائط الإعلامية. أختم الحديث عن العصيان المدني لأحمد الله تعالى أن أهم تجليات فشله تمثل في عدم تعطُّل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والمواصلات العامة. كنت قد حذرت في اليوم المفترض لبدء العصيان المدني من اللعب بالنار، مذكّراً بما يجري في محيطنا الإقليمي من حروب أدت إلى انهيار دول كانت آمنة مطمئنة تمزَّقت وتفرَّقت أيدي سبأ وقُتل أهلها وزُلزلوا زلزالاً شديداً وشرِّدوا في المنافي، وأقول مجدَّداً إن ما يجهله كثيرٌ من الناس أن العاصمة بها سلاح كثير ظل مخبأً من قبل أصحاب المشاريع الاستئصالية منذ زمن طويل ولأني ظللت متابعاً لملف الجنوب والحركة الشعبية لتحرير السودان فقد كنت أرقب توجهات حركة قرنق منذ اندلاع تمردها اللعين في عام (1983) وأرصد خطابها السياسي العنصري المستهدف لهُويَّة السودان بل ودستورها في مختلف مراحل تطوره من دستور ماركسي أيام احتمائها بالرئيس الاثيوبي منقستو هيلي مريام ثم تحوله بعد سقوط منقستو إلى دستور استئصالي عنصري يحمل اسم (مشروع السودان الجديد) ويعمل على (تحرير السودان) من هويته الحالية إلى هوية إفريقانية تتبنى الخطاب السياسي لمانديلا في جنوب إفريقيا أيام الفصل العنصري فقد كان قرنق يؤلب الأفارقة خلال جولاته في الدول الإفريقية بخطاب ينضح بالعنصرية يقول فيه إن العرب في السودان لا يختلفون عن البيض في جنوب إفريقيا وإن الأقليّة العربيّة في السودان تستعمر الأغلبية الإفريقية وأن العرب مكثوا في الأندلس أكثر مما مكثوا في السودان وكما أخرجوا من الأندلس سيخرجون من السودان. ذلك ما ظل قرنق وتلاميذه (أولاد قرنق باقان وعرمان ودينق الور وغيرهم) بعد مصرعه يتبنونه في مختلف طروحاتهم من خلال الجبهة الثورية (ميثاق الفجر الجديد مثلاً) وغيرها ويخادعون به حلفاءهم الغافلين عما يدبّر لهم بدعم وتحالف استراتيجي مع الحزب الشيوعي السوداني. لذلك ظلت الحركة الشعبية طوال الفترة الانتقالية وقبل توقيع نيفاشا وبعدها تجتهد في إدخال السلاح إلى الخرطوم التي لا يساورني أدنى شك في أنها تعجُّ بالخلايا النائمة سواء البشرية التي تتسرب من خلال اللاجئين الجنوبيين وغيرهم أو الأسلحة المهربة ولا أنسى شحنات الأسلحة التي كانت تأتي من جنوب كردفان خلال الفترة الانتقالية وبعدها وكان ما يُلقى القبض عليه من السلاح ويعلن عنه قليلاً من كثير يتسرب بمختلف وسائل الترهيب والترغيب المعلومة. لم تنته طموحات عرمان وأولاد قرنق في قطاع الشمال ولن تنتهي وسيظل ذلك ملفنا المفتوح إلى أن نحمل جثمان ذلك المشروع العنصري البغيض إلى مثواه الأخير . ما كتبت هذا المقال إلا انفعالاً بدعوة العصيان المدني التي نشط فيها وقادها الشيوعيون بمؤازرة (المغفلون النافعون) وبمساهمة مضحكة من الحكومة جراء أدائها الكارثي ثم تفاعلاً مع خبر الشحنة الضخمة من الأسلحة التي ضبطت في الخرطوم في السادس عشر من هذا الشهر فكم غيرها مخبأ يا ترى في انتظار ساعة الصفر وهل يعي أهلنا في السودان المخططات الأثيمة التي تدبَّر لبلادنا وشعبنا أم أننا ننام في العسل إلى أن تحل علينا اللعنة فتُحيل أماننا النسبيَّ إلى حريقٍ كبير؟! assayha
اها ورايك يا الطيب مصطفى يعنى ابقى ود اختك جاثم فوق صدورنا وبجيوشه ومليشياته وحزبه الفاسد وعائلته الافسد ويصبح السودان ضييعة ليكم نرضى بحكمكم او تهددوننا بسوريا وليبيا والله سجن سجن غرامة سوريا سوريا ليبيا يا فينا يا فيكم بلاء ياخدكم
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة