· قبل نهاية اليوم الثالث من العصيان المدني الذي عكس رقي وتحضر وقوة شعبنا الأبي أقف عند بعض الدروس المستقاة من هذه الوقفة التاريخية.
· وحتى نكون موضوعيين نبدأ بالدرس الذي تعلمناه نحن أنفسنا كشعب سوداني يتوق لحياة كريمة لا أكثر.
· ما تعلمناه دون شك هو أننا ليس بالضعف الذي صوره البعض حتى أوشكنا أن نصدق أننا لم نعد قادرين على رفض الظلم والوقوف متوحدين في وجه الفئة الباغية.
· إلا أن يومين فقط من هذه العصيان المدني أكدا بما لا يدع مجالاً للشك أننا شعب معلم فعلاً لا قولاً.
· أعاد لنا هؤلاء الشباب مجدنا التليد وماضينا العريق.
· فقد مضى كل شيء كما هو مرتب له.
· بقيت الأغلبية في منازلها.
· أذعن الكل لدعوات عدم التخريب أو تعريض الأنفس والممتلكات العامة لأية مخاطر.
· صمت شعبنا صمتاً من ذلك النوع الذي يحدث أثراً أبلغ من الكلام.
· أما الدروس التي يجب أن يستفيد منها الآخرون ( أعني أعداء الشعب وبعض المتكسبين) فهي لا تحصى ولا تعد.
· أول هذه الدروس أن الحديث عن صعوبة تحقيق التضامن وعودة العقل الجماعي مع التحول الكبير الذي طرأ في التركيبة السكانية للعاصمة لم يعد له مكان.
· فقد رأينا كيف أن شوارع عصامتنا بدت خالية تماماً من المارة خلال اليومين الماضيين.
· فالأجنبي في أي بلد لابد أن يلتزم بما يقرره ويرغب فيه أهل البلد المضيف.
· وإن كنا كسودانيين نقدم الدروس للعديد من شعوب العالم في أوطانهم، فما بالك بمن يعيشون بيننا كضيوف.
· وثاني هذه الدروس وأهمها هو أن الحديث البديل والخوف من المجهول قد أصبح من الماضي بعد هذين اليومين.
· فمن نظموا هذه المبادرة والخطوة الرائعة كانوا مجرد شباب ناشطين.
· كاذب من يقول أن حزباً معارضاً كان له قصب السبق فيها.
· صحيح أن بعض الأحزاب المحترمة ساندت هؤلاء الشباب والشابات وأيدت وباركت خطوتهم، لكن القدح المعلى في العصيان يظل ملكاً حصرياً لهؤلاء الشباب الناشطين.
· أما ثالث الدروس التي يفترض أنهم تعلموها فيتمثل في أن المطاردة المستمرة لبعض الصحف الورقية أمر عفا عليه الزمن ولن يغير بعد الآن شيئاً في المعادلة.
· ويتبع ذلك فشل كافة أشكال الملاحقات الأمنية.
· فالشباب الراغب في تقديم مثل هذه المبادرات الفتية يستطيعون التواصل عبر وسائل شتى يصعب على أي صاحب عقل متحجر وفكر متبلد أن يعيقها.
· ورابعها الذي يفترض أن يتأمله جيداً أهل الحكومة والكثير من رموز أحزابنا المعارضة على حد سواء هو أن فكرة الرموز هذه لم تعد صالحة لعصرنا الحالي.
· فهناك الكثير جداً ممن كانوا يظنون أنه يصعب إحداث أي تغيير، أو القيام بأي خطوات جادة في سبيل هذا التغيير ما لم تجد هذه الخطوات دعماً مباشراً من بعض الرموز السياسية.
· وجاءت هذه الخطوة لتؤكد أن السودانيين قد تجاوزوا هذه الرموز السياسية تماماً.
· فمن يستطيعون تنفيذ عصيان مدني بهذه الفاعلية والتنظيم الجيد دون عون ملموس من السياسيين قادون على فعل المزيد وصولاً للغاية الأكبر، أي تخليص الوطن من أسره.
· ومن يريد من هؤلاء الرموز اللحاق بالقطار عليه أن يكف عن الخداع ومسك العصا من وسطها ومحاولات التقرب للحكومة التي تتم تحت الطاولة.
· فبعض ساستنا الكبار جداً يظهرون تعاطفاً مع قضايا المواطن، لكنهم في حقيقة الأمر يعيقون محاولات التغيير إما حفاظاً على مكانتهم كمعارضين يستأثرون بأوضاع لم تكن تراودهم حتى في أحلامهم، أو سعياً للتكسب المادي المباشر من الحكومة نفسها.
· ودليلي على ما تقدم في الفقرة أعلاه هو أن بعض المؤثرين من هؤلاء المعارضين يحتفون بعبارات( المثقفاتية) المعقدة والتنظير لكنهم يعيقون دعوات الوعي الجادة بشكل أو بآخر.
· خذوا كمثال الأستاذ حسن عثمان رزق الذي كان يتحدث بالأمس لقناة الجزيرة.
· لن تصدق عزيزي القارئ أنه قال بلا أدنى خجل أن الفساد استشرى وعم وأن الحكومة مترهلة!
· وماذا عن الـ 25 سنة الماضية التي شاركتم فيها يا رزق في هذا الفساد والحكومات المترهلة!
· شعبنا الذي ذاق مرارات تفوق الوصف يريد أن يأكل ويشرب ويتعالج ويعلم أولاده ويهنأ بالأمن والأمان، إلا أن بعض ساستنا للأسف الشديد من شدة رغد عيشهم نسوا ذلك تماماً، حتى وإن أظهروا عكسه في كلامهم وتصريحاتهم وكتاباتهم.
· وإلا فكيف يستقيم عقلاً أن يتشارك هؤلاء مع بعض الطغاة في قروبات الواتساب متحججين بمناقشة ومعالجة بعض قضايا الوطن ( قروب قوش نموذجاً).
· أهل السودان يريدون أن يعيشوا حياة كريمة كسائر شعوب الأرض.
· وبعد أن يتحقق ذلك فليأتِ من يريد أن ينظر في قضايا المرفهين.
· وفي هذا الجانب لا أشك في أن شبابنا قد قال كلمته بصوت مسموع، متجاوزين ( باعة الكلام).
· خامس هذه الدروس هو الوقوف بتأنِ وتروِ تجاه ما تنشره بعض وسائل إعلامنا ومراجعته ألف مرة قبل التسليم به.
· ظل البعض يصورون شبابنا على أنه فقد الرغبة في تطوير حياته وأنه صار يائساً لا يهمه سوى تعاطي المخدرات وملء فراغه بما لا يفيد.
· وقد حاول بعض المتكسبين بشتى الطرق إلهاء هؤلاء الشباب ببرامج الرقص والغناء ومهاترات هلال مريخ فإذا بهم ، أي شبابنا يقدمون الدروس الواحد تلو الآخر، ويؤكدون أنهم قادرون على إحداث التغيير المطلوب.
· وأخيراً لابد من تقديم التحايا النواضر لهؤلاء الشباب والشابات الذين بعثوا فينا أملاً وغمرونا فخراً واعتزازاً بالانتماء لوطن سرقه الأوغاد، لكنه عائد لأهله لا محالة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة