اضطرب السيد السفير حينما ألقى عليه أحدنا ذاك السؤال.. كنا في ذاك اليوم ضيوفاً على سفير المملكة العربية بالسودان عقب تدشين عاصفة الحزم .. السؤال الذي جعل السفير فيصل بن معلا يتحسّس الشماخ العربي الذي على رأسه، كان فحواه متى يزور الملك سلمان بن عبد العزيز الخرطوم.. الاضطراب وصلنا معشر الحضور وتباينت (المانشيتات) بين مؤكد ومستبعد. أمس الأول كنت أستمع إلى عناوين الصحف من إحدى القنوات التلفزيونية.. لفت نظري خبر زيارة الملك سلمان للسودان .. الخبر انفردت به الزميلة الحبيبة آخر لحظة.. رغم ترددي في تصديق الخبر إلا أنني شعرتُ بسعادة غامرة.. التفاصيل كانت تتحدث عن مسرح المناورات العسكرية المشتركة في مروي.. لكن بعد أن وصلت إلى مكتبي وأجريت بعض الاتصالات ثبت لي أن الأمر ليس دقيقاً.. رغم ذلك كان هنالك بعض العشم أن يهبط مروي أي مسؤول سعودي رفيع دون الملك .. إلا أن ذلك أيضاً لم يتحقق . لا أحد يستطيع أن ينكر التقدم المضطرد في العلاقة بين الخرطوم والرياض.. آخر مبادرة أطلقها جلالة الملك سلمان كانت تعنى بإعمار السودان عبر أشقائه العرب.. السودان والسعودية الآن يقاتلان في جبهة واحدة لإعادة الشرعية لليمن الشقيق.. تدفقات مالية خليجية أعانت السودان في الأيام الحرجة .. دور سعودي إماراتي في تقريب الشقة بين السودان وأمريكا . كل تلك مؤشرات تؤكد أن العلاقة بين البلدين تقف شامخة على أرضية ثابتة. رغم كل ذلك إلا أن الملاحظة الجديرة بالاعتبار أن الخرطوم لم تحظ حتى الآن بزيارة مسؤول سعودي بارز جداً.. مر علينا ذات نهار وزير الخارجية السعودي وعاد قافلاً إلى أسرته قبل مغيب الشمس.. تم الإعلان عن زيارة لولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولكنها لم تتحقق حتى الآن.. قبل سنوات زار الملك عبد الله مصر وبسبب ظروفه الصحية عقد اجتماعه مع الرئيس السيسي في جوف الطائرة الملكية .. وشكلت تلك الزيارة دعماً سياسياً للجنرال السيسي الذي كان للتو يرتب أركان حكمه بُعيْد انقلابه على الرئيس المنتخب محمد مرسي. في تقديري تشكّل زيارة زعيم بحجم الملك سلمان الكثير جداً لبلدنا.. مازالت زيارة جورج بوش نائب الرئيس الأمريكي وقتها للسودان في العام ١٩٨٤، تشكل علامة فارقة في تاريخ العلاقة بين البلدين .. زيارة أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد للسودان ومن بعده والدته الشيخة موزا كانت أبلغ تعبير عن تميز العلاقة بين الدوحة والخرطوم .. السودان الآن في حاجة ماسة لجذب أنظار العالم لصورته الجديدة كبلد آمن ومقاتل للإرهاب ومعادٍ للنفوذ الإيراني.. هذه الصورة إن رسخت ستحقق فتوحات دبلوماسية. بصراحة دبلوماسيتنا المتخففة لزيارة الرياض جعلت كل الملفات لا تحتاج لتكبد مشاق السفر للخرطوم .. رغم ذلك سيكون أي حديث عن تُطوّر العلاقات بين السودان والسعودية ناقصاً إذا لم تكن الخرطوم محطة قادمة لجلالة الملك سلمان الذي يتمتع بشعبية كبيرة في السودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة