:: يوم أمس، السبت 8 ابريل 2017، يجب تخليده - في ذاكرة الأجيال سنوياً - بحيث يكون (عيد الإنجاز)..ولقد أخطأ السادة بحكومة الخرطوم - وآخرين من ذوي المناصب المركزية - بتمرير هذا اليوم التاريخي بلا خطب في الساحة الخضراء وحشد تلاميذ المدارس وتوزيع علم السودان للمارة والسيارة، فالحدث العظيم يستدعي كل هذا الصخب.. وما كان عليهم أن يحتفلوا - براهم - بتدشين الجهاز الجديد لعملية القسطرة بمستشفى الشعب التعليمي ..!! :: لقد إحتفلوا، وتبادلوا الخطب وأحلام اليقظة، بمناسبة انفراج أزمة قسطرة القلب - بمستشفى الشعب - بعد سبعة أشهر من انتظار بعض المرضى وموت البعض الآخر.. تأملوا .. سبعة أشهر، و كان أحد أكبر مشافي البلاد بلا جهاز قسطرة القلب .. ولهذا، أي لأن الطموح العام في بلادنا أقصر من قامة أبوقدح، كان يجب عزف النشيد الوطني وإعلان العطلة يوم تدشين هذا الجهاز الجديد.. حوادث القلب بمشافي الولاية تستقبل سنوياً (600 مريض)، ومع ذلك تنفرج أزمة جهاز القسطرة بعد (7 أشهر)، فيحتفلوا ..!! :: والجهاز الذي هم به يحتفلون يستحق أن يكون مزاراً شعبياً في الأعياد، وأن يتصور الشباب - السيلفي - بجواره، لأنه من الأجهزة النادرة في مشافي الخرطوم..بالخرطوم سبع محليات مأهولة بالسكان، وأكثر من خمسين بناية مسماة - مجازاً - بالمشافي الحكومية، ومع ذلك لم يتوفر جهاز قسطرة القلب إلا بمستشفى الشعب بمحلية الخرطوم ومستشفى أحمد قاسم بمحلية بحري..خمس محليات بالخرطوم، بعضها الأعلى كثافة سكانية على مستوى السودان، ولا يوجد بها جهاز قسطرة القلب ..!! :: وعلى سبيل الوجع، إليكم هذه الواقعة .. في مايو 2009، طرح مستشفى الصداقة الحكومي بأمدرمان عطاءً لإستيراد جهاز قسطرة قلب، وذلك لعدم توفره في كل مشافي أمدرمان وكرري وأمبدة ..ثلاث محليات ذات كثافة سكانية عالية، وليس بمشافيها جهاز قسطرة القلب..المهم، نافست الشركات في العطاء ثم فازت إحداها، وأبدت إستعدادها لإستيراد بمبلغ ( 380 الف يورو)، بحيث تدفع إدارة المستشفى نصف المبلغ عند توقيع العقد والنصف الآخر - بالأقساط - بعد التركيب والتشغيل.. !! :: تم توقيع العقد ودفع نصف قيمة الجهاز(190 الف يورو)، وإنتظروا وصول الجهاز، وكان هذا في العام 2009.. التزمت الشركة بالعقد، واستوردت الجهاز بذات المواصفات المطلوبة.. وما أن وصل الجهاز الى مطار الخرطوم، تلقت الشركة خطابا من وزارة الصحة : ( نشكركم على توفير قسطرة القلب الخاصة بمستشفى الصداقة، وقد تقرر الإستفادة منها بمستشفى الخرطوم، لحين إستجلاب جهاز آخر لمستشفى الصداقة،)، هكذا تم تغير مسار الجهاز من مستشفى الصداقة بامدرمان الى مستشفى الخرطوم ..!! :: وهذا ليس مهما، فالمهم أن يستفيد أي مريض - بالخرطوم أو غيرها - من الجهاز ..رحلت الشركة الجهاز الى مستشفى الخرطوم، ثم طالبت الوزارة بتنفيذ العقد، وهو دفع القسط الأول من المبلغ المتبقي ليتم التركيب والتشغيل (8%)..تلكأت الوزارة في دفع هذا القسط.. ثم تم تخزين الجهاز - رموه - في بيئة تحيط بها مخلفات المستشفى، أي في ( كوشة)..نعم في حوش المستشفي، تحت الشمس والمطر وأكوام الزبالة، ظل هذا الجهاز الحساس قابعاً ثلاث سنوات ونيف رغم أنف ال (190.000 يورو) المدفوع من دم قلب الشعب..!! :: ثم تدخل الوزير بحر أبوقرده بعد ثلاث سنوات من التخزين السئ، وأمر بتحويله الى مستشفى الصداقة..وتم تحويل الجهاز الى مستشفى الصداقة بحيث يكون أول جهاز قسطرة بمحليات أمدرمان وكرري وأمبدة ..ولكن عند التركيب تفاجأت الكوادر بأن فئران مستشفى الخرطوم قضت على كل الأجزاء البلاستيكية ولم يعد يصلح للعمل..وتم تصديره الى ايطاليا لاستبداله بجهاز آخر..وهناك كشفت الشركة سوء التخزين، وطالبت مستشفى الصداقة بدفع خسائر سوء التخزين الذي حول أجزاء الجهاز البلاستيكية الى طعام للفئران، وقدرتها ب (40 الف يورو)..!! :: رفضت ادارة مستشفى الصداقة طلب الشركة بتبرير: ( أكلتها فيران مستشفى الخرطوم، ما فيرانا نحن)..ثم ماتت القضية..أي، منذ مايو 2009 والى يوم إحتفالهم بجهاز مستشفى الشعب، السبت 8 ابريل 2017، فان بعض أموال الناس - 190 الف يورو - في بطن الشركة الايطالية.. أهدروا هذا المبلغ، ولم يحاسبوهم على الإهدار، ولاتزال كل المشافي العامة بمحليات أمدرمان وكرري وأمبدة خالية من أي جهاز قسطرة القلب، كما حال مشافي شرق النيل وجبل أولياء . والحكاية مهداة لمن يحتلفون بمناسبة إنفراج أزمة جهاز القسطرة بمستشعى الشعب بعد (7 أشهر)، وليتهم يعلموا بأن أفعالهم من أسباب أمراض القلب..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة