كان البطل ممدوح جعفر يتحدث عقب عودته من الأسر.. يقول مقاتل المظلات إنه قضى خمس سنوات في الأسر يأكل من ذات طعام آسريه ولكنه يعمل مكرهاً في جمع الحطب.. قبل أن يكمل حديثه للزميلة "التيار" أتاه من أقصى المدينة رجل يسأل عن حسن الدنقلاوي.. كان رد جعفر أن الدنقلاوي اختار البقاء في الضفة الأخرى ورفض العودة للخرطوم.. مثل حسن الدنقلاوي كان هنالك نحو ستة وثلاثين أسيراً امتنعوا عن العودة وذلك حسب إفادة الأخ جعفر بانقا القيادي السابق بالدفاع الشعبي..! أمس عاد للخرطوم نحو مائة وخمسة وعشرين أسيراً.. بين أبطالنا ضابط أشاوس ورجال شرطة وبعض من شباب جهاز الأمن الوطني وغير قليل من المواطنين المدنيين الذين يشكل احتجازهم في حد ذاته جريمة حرب.. كان في استقبال الأبطال جمع غفير من أهل السودان تقدمهم الفريق أول عماد عدوي رئيس هيئة الأركان بالقوات المسلحة..! غاب عن المناسبة السعيدة مساعدو رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الدفاع.. لن تدركوا معنى غياب القيادة السياسية إلا إذا علمتم أن الرئيس اليوغندي يوري موسوفيني كان قد أقام مأدبة غداء على شرف أسرانا بالقصر الرئاسي بكمبالا.. الحركة الشعبية اقتنصت السانحة وأرسلت إلى كمبالا الأمين العام ياسر عرمان ليودع الأبطال الذين كان يضع القيد على أقدامهم..! بل بالإمكان أن تتصورا حينما أعلن استشهاد الشاب محمد عثمان برج كان من أبرز الزائرين النائب الأول وقتها علي عثمان محمد طه.. وحينما تكتشف الحكومة عن أن برج حيٌّ يرزق تجعل المسؤولية على عاتق أسرته.. في ديسمبر الماضي أفرجت حركة العدل عن مجموعة من أسرانا.. المقدم إيهاب عبد المنعم أرفع الأسرى رتبة عسكرية وجَّه عتاباً لحكومتنا يصل درجة الإهمال حينما أوضح أن الحكومة لم تكن تهتم بفكرة تبادل الأسرى حينما تعرضها حركة العدل في المفاوضات..! في تقديري.. من المهم أن نسجل صوت لوم للقيادة السياسية بغيابها من مناسبة مهمة.. لو كنت من بين ولاة أمورنا لجعلت القائد الأعلى ينتظر عند سلم الطائرة المقلة للأسرى.. يقالد كل فرد عائد بعد أن يبذل له تحية البطولة.. بعض من أسرانا قضى تسع سنوات.. منهم من عاد ووجد حياته الاجتماعية قد تغيرت رأساً على عقب.. منهم من فقد الزوج والوالد والولد.. هؤلاء يستحقون تكريماً يليق بهذه التضحيات.. مازالت الفرصة مواتية لرد الاعتبار لهؤلاء الأبطال.. أصحاب المواهب المحدودة يتصارعون الآن على الظفر بنصيب من كيكة السلطة.. من الأجدر أن نرسِّخ قيمة البطولة حتى لا يزداد عدد الذين يرفضون العودة لحضن وطن لا يهتم كثيراً بتضحياتهم..! بصراحة.. هنالك حلقة مفقودة للوصل بين الناس الفوق وعموم الشعب.. وافقت إسرائيل عام ٢٠١١ على إطلاق (١٠٢٧) أسيراً مقابل الإفراج عن جندي واحد هو جلعاد شاليط.. علينا أن نتعلم الدرس حتى ولو كان من إسرائيل..! assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة