أعجبني اقتراح موفق أدلى به القيادي بالاتحادي الأصل ميرغني حسن مساعد ينادي بإخضاع التعديلات الدستورية المختلف حولها لنظر الموفقين الذين تراضى عليهم المتحاورون ومنحوهم تفويضاً بلعب دور يقرب بين الرؤى المتعارضة. صحيح أننا وقعنا عل الوثيقة الوطنية وعلى مخرجات الحوار لكن هناك مستجدات طرأت فيما بعد إذ تبين أن هناك قطاعات مهمة في المجتمع لم تستشر قبل صدور المخرجات في صورتها النهائية ومن تلك الجهات مجمع الفقه الإسلامي الذي يعتبر المفتي الأول للدولة في القضايا الفقهية والشرعية. من بين تلك القضايا الشائكة مسألة زواج التراضي وكذلك قضية حرية الاعتقاد ولعل أكثر ما دفعني إلى كتابة هذا المقال أن بعض قياديي المؤتمر الشعبي تحفظ على بعض الآراء الفقهية التي طرحها حزبهم بل طرحها شيخهم الترابي رحمه الله فبالرغم من أن النص المجاز في الحوار الوطني ينص على (التزاوج بين ذكر وأنثى بالتراضي وبالتعاقد مباشرة أو بالوكالة) إلا أن د.سهير صلاح الدين أمينة المرأة بالمؤتمر الشعبي صرحت بأن (أي عقد زواج دون حضور ولي باطل) وأوضحت أن هناك خطأ في تفسير البعض بشأن زواج التراضي الوارد في التعديلات الدستورية. إذن فقد قطعت جهيزة المؤتمر الشعبي قول كل خطيب بما يجعل قول د.سهير شهادة شاهد من أهلها يفحم كل من يقول بغير ما قالت. إن أكثر ما دعاني إلى الأخذ بمقترح دعوة الموفقين أن قضية زواج التراضي أثارت ضجة كبرى ولا أظن أن بيتاً قد خلا من النقاش حولها وأقولها بصدق إن المجتمع السوداني تفاعل مع هذه القضية بحيوية مدهشة ولقيت فكرة زواج التراضي بدون ولي استهجاناً واسعاً من النساء والفتيات ربما أكثر من الرجال الأمر الذي أدهشني حقاً إذ عبرت الفتيات في استطلاعات الرأي عن تعلقهن بأسرهن باعتبارها الحصن الحصين والملاذ الآمن والحضن الدافئ الذي يلجأن إليه في حالة حدوث طلاق من زواج طرأ على حياتهن ولا يدرين ما تأتي به تصاريف القدر بل أن ما لفت نظري وأدهشني بحق درجة قوة مؤسسة الأسرة في المجتمع السوداني حيث تبين أن هناك اعتقاداً راسخاً لدى معظم الفتيات أن وشيجة الدم أو قل العلاقة بالوالدين والأشقاء أكثر رسوخاً وثباتاً وموثوقية من علاقة ناشئة بعد الزواج قد تنفصم عراها لأي سبب، والعجب العجاب أن تلك الهبة الرافضة لزواج التراضي لم تستثن العاصمة حيث ارتفاع موجة التحرر لدى كثير من الفتيات. د.سهير ، أمينة المرأة بالشعبي ، كانت ، وهي تدلي بتلك الشهادة ، تعبر عن المرأة السودانية المنتمية لأسرتها كما أن الاستدراك على زواج التراضي القاضي بالتعاقد المباشر بين الزوجين بدون اشتراط إذن أو موافقة الولي حدث كذلك من قيادات رجالية في الشعبي مثل تاج الدين بانقا الذي كان مديراً لمكتب الشيخ الترابي. لذلك فإن تحركاً من الموفقين يستدرك على ما غفل عنه المحاورون وهم يجيزون تلك الصيغة غير المقيدة سينهي الخلاف ويصل بالطرفين إلى منطقة وسطى فإما أن يلغى زواج التراضي تماماً من الدستور أو يقيد بموافقة الولي. كذلك مما أثار جلبة وضجة تحتاج إلى الموفقين حرية الاعتقاد فقد نصت التعديلات على الآتي : (لكل إنسان الحرية في اختيار رؤى يتخذها عقيدة دينية أو رؤية مذهبية وله أن يمارس أيما شعائر دينية أو احتفالات تذكر بها ويتخذ مواقع لعبادته ولا يكره أحد على دين عيني أو مذهب معين ولا يحظر عليه الحوار أو الجدال فيما هو حق حسب إيمانه ورأيه). هذا النص فيه خروج على دستور (2005) الذي ينص على الإبقاء على الشريعة الإسلامية والإجماع كمصدرين للتشريع في السودان (الحالي) بعد انفصال الجنوب. ثارت ثائرة العلماء ، وهم محقون ، أن يحدث تراجع في قضية الشريعة بل أن التعديل الأخير يتيح لأهل الضلال بمن فيهم الملحدون وأتباع المرتد محمود محمد طه نشر هرطقاتهم وأباطيلهم. أقول لدعاة التحرر إن الغرب لا يتيح للمسلمين ممارسة شعائرهم فقد شنت دول كثيرة حملات على النقاب وقد قرأت بالأمس خبراً عن منع زي السباحة الإسلامي المسمى (البوركيني) في فرنسا واعتقال عدد من المسلمات في مدينة كان الفرنسية ومعلوم أن موجة الإسلاموفوبيا تتزايد بشكل مخيف في أوروبا وأمريكا. أنّي لأدعو إلى حل وفاقي ينهض به الموفقون وليت الشيخ إبراهيم السنوسي يتبنى هذا الرأي من داخل المؤتمر الشعبي بما يزيل الخلاف ويحفظ التوافق التام ويحقق السلم الاجتماعي والأسري في المجتمع السوداني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة