أن كل الوسائل التي تتخذ في الشأن السوداني لم تكن سوي محاولة إيجاد مشكلة لم تكن موجودة في الأساس والاجتهاد لعلاجها هو معني ان يبدأ الحوار وتنتهي بقضية الاحوال الشخصية المشكلة السودانية ليست في الأديان علي الإطلاق بل صراع بين القوميات المكونة للدولة السودانية فان الأقلية التي ورثت السلطة و استعانت بالمنظومة العربية واستمرت بالقهر وهي التي تحاول وضع الصراع في شكله الديني لتوسع دائرة المسؤلية عن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعوب السودانية فان اَي حديث عن الدين مجرد تجديف في الاتجاه الخطا وبل دفع القضية نحو التمويه فان صادق القول وبل لا يصلح الا بوضع القضية في مسارها الصحيح هي صراعات إثنية وتكمن الحل في وجوب الاتفاق بين القوميات المكونة للدولة السودانية ليس مع .المهزومين ولا مع الذين عادوا الي بيت الطاعة بل مع من يتم اختيارهم بالطريقة الحرة للوصول الي دستور التراضي ملزم للجميع واتفاق علي طريقة حماية هذا الدستور فيما عدا ذلك ان المشكلة لا تبرح مكانها فان توجه اللوم للاسلامين في انهم وراء المشكلة السودانية حديث غير أمين لان النظام الاسلامي تطرق الي جذور المشكلة السودانية عندما احتلوا علي السلطة باجراءات وان كانت قاسية علي الكثير فان الدولة العرقية تم تدميرها علي يدهم ولكنهم فشلوا في صياغة البديل علي أنقاض الدولة العرقية التي تمت الإطاحة بها وقد كان ترابي ضحية مشروعه القومي هذه حقيقة عندما انقلب عليه حواريه لم يطيحوا بالترابي فقط بل فكرة الدولة القومية من اساسها بواسطة عناصرها الذين ساء عليهم ان يروا في غفلة من امرهم ان يدمروا دولتهم الاثنية بايديهم عملوا علي اعادة بنائها من جديد وعلي أساس اكثر متانة وان تمت توسيعها قليلا بيد انهم ظلوا يندثرون بغطاء مشروع الاسلامي زورا وبهتانا وهنا حق علينا ان نعترف ان الفهم القومي للدولة السودانية لم تتضح له الملامح الا في الفترة التي كانت الدكتور ترابي علي راس النظام فهي الفترة التي شاهدت بناء المؤسسات علي أساس قومي بصرف النظر عن نجاحها أو فشلها علي أنقاض السلطة العرقية كما هو متعارف عليها طوال عمر الحكومات السودانية بما فيها العهود الديموقراطية القصيرة التي لم تعالج الخلل الا في قمته فكانت تلك عديمة الفائدة والجدوي لان اجراء الاصلاحات في سقف المنزل لا يغير من طبيعة البناء شيئا نعم لقد عارضنا مشروع الترابي فكان ذلك خطأ فادحا فان الجانب السلبي لمشروع الترابي هو الذي استمر حتي الان هو وضع تصور كل التصرفات العرقية علي القوالب الدينية وان كانت ليست بمقاسها فان شئنا أو ابينا فان المشروع الاسلامي هو الذي يحمل في طياته الفهم القومي هو الشي المفقود في السياسة السودانية وهذا لا يعني بضرورة العودة للدولة الدينية لان الأحزاب الدينية السودانية تخشي الاجتهاد كما تفعله حزب اردوغان في تركيا وغنوشي في تونس ومن ناحية اخري بعض القادة يرون ضرورة الاستفادة من الطرح الديني لبناء الطموحات السياسية يحميهم من المعارضة والانتقاد هو معني وصول البلاد الي هذا الانسداد ولَم تتحرك من محطة التاسيس الا حزب الترابي الذي يقفز في كل الاتجاهات بالرغم من الاجتهادات المخلة فان الإجراءات الإدارية التي تمت في الخدمة المدنية وفِي القيادات العسكرية بالرغم من قساوتها كانت لصالح المشروع القومي هذه حقيقة بيد ان الخطا لم تكن لدي الدولة الإمكانيات التي تكفل الحياة الكريمة لضحايا الفصل ولَم يكن لدي التنظيم الاسلامي في وقته التصور الكافي لملئ الفراغ بالتوازن الجهوي العرقي و الجغرافي المطلوب وبل تم شغلها بعناصرها الوضيعة بدون النظر الي التوازن الضروري و في الغالب الاعم عناصر انتهازية منحت ولائها للنظام مقابل الوظيفة نعم اسلامي السودان فشلوا فشلا زريعا في بلورية المفاهيم الدينية حتي في حدها الأدني مع اننا لم نجد نموذجا ناجحا لنقارن به ولكن الأمثلة علي فشل هذا النموذج لا تخطئه العين أينما تلتفت والسودان ليست الاستثناء بل الحالة السودانية تم استغلال الشعارات الدينية وحتي أحكامها بتناسب عكسي كلما ارتفعت درجات الفشل كلما ارتفعت الشعارات الدينية حتي غد مشروع الديني مترادفا مع الفشل ولكن هذا لا يمنع وجود ميزة مهمة لو تم التركيز عليها لوضع العتبة الأولي في البناء القومي للدولة السودانية الا ان الحرب بدأ من الداخل وانتهي الي وأد هذه الميزة لصالح الدولة الشعارات وعاد البلاد الي عهد ما قبل استعمار التركي وأصبح الحديث عن هذا التصنيف نفسه جريمة بالقطع ان الذين اجتمعوا في نيروبي جميعهم يعرفون ماذا ينبغي قوله في المشكلة السودانية بدلا من الداور حول المشكلة كل منهم بمسافة تبعد وتقترب حسب موقعه من الدولة القبلية وهو احدي العيوب السياسية في الدولة السودانية هناك من يحاول تحديد مواقع الخطا بالدقة ولكن لم يحاول ان يذكر من هو المسؤل من هذا الخطأ فمن المحال معالجة القضية من دون تحديد الأطراف ومن المحال نجاح الحوار والعصا مرفوعة علي احدي أطراف الحوار أو ان يقوم شخصا اخر بالنيابة عنه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة