في نهاية شهر أبريل من العام ٢٠١٥ كان اليافع عثمان يحيى يحدق في عيون الرئيس أوباما..كأنما قرأ الرئيس قلق الصبي المسلم يتحدث عن مستقبله بعد مغادرة البيت الأبيض..بذات الفكاهة التي يطعم بها الساسة أحاديثهم قال أوباما مخاطباً منتدى طالبياً عقد بالعاصمة واشنطن: " مازلت شاباً بالطبع ولست في مثل عمركم ..حينما أغادر البيت الأبيض سأبحث عن طرق لخدمة الناس كما كنت أفعل في السابق"..معظم الرؤساء الأمريكان حينما يغادرون البيت الأبيض يتفرغون لعمل الخير ..حتى إن الرئيس الأسبق جيمي كارتر فاز بجائزة نوبل للسلام في العام ٢٠٠٢ وكان ذلك عقب سنوات من مغادرة الرئاسة..المزارع العجوز ظل حريصاً على رعاية الديمقراطية في العالم عبر مركزه الرائد في هذا المجال. قبل أيام كنت ضمن مجموعة من الصحافيين نتوغل في الريف الجنوبي للخرطوم ..فارقت عربتنا الطريق المعبد، ودلفنا إلى بيوت تزينها البساطة، ولا يغيب الفقر عن ملامحها..توقفنا عند مدرسة بها حشد من النساء ..هنالك وجدنا الأستاذ علي عثمان يحاضر في طرق إخراج النساء من دائرة الفقر..لم يحتف النائب الأول السابق بمقدمنا حتى شعرت أننا أفسدنا عليه خلوته الشعبية. منذ أن غادر الشيخ علي عثمان مقعد الرجل الثاني في القصر اتجه بكلياته نحو العمل المجتمعي..غادر المنزل الذي خصصته له الحركة الإسلامية في حي الرياض الراقي، واختار أن يسكن في مزرعة نائية في منطقة سوبا..بعد ذلك توجه إلى العمل الخيري، فأسس منظمة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة..حينما استوت المنظمة على سوقها اتجه لمحاربة الفقر عبر تأسيسه مع مجموعة من رجال الأعمال بنك الطعام..الفكرة تقوم على الاستفادة من الطعام المهدر والذي تصل كميته أحياناً إلى ٦٠٪ حسب إفادة الأستاذ إبراهيم محمد عثمان أمين عام بنك الطعام . واحدة من المشكلات التي تواجه الساسة في السودان متلازمة مفارقة المنصب العام..شاغل الوظيفة الدستورية يظل متشبثاً بالكرسي حتى الرمق الأخير لأنه يعتقد أن قيمته كإنسان مرتبطة بهذا المقام..تحت هذا الإحساس ظل الشيوخ يخطبون ود الوظيفة السياسية ويدفعون أغلى المهور لنيل المنصب.. أنظروا هداكم الله كيف انتهى الحوار الوطني إلى محاصصة في قسمة الغنائم السياسية..بعد توزيع الكيكة صمتت الأصوات الثائرة بعد أن جلست في المكاتب الأنيقة واستوت على الفارهات الجياد. في تقديري إن نموذج علي عثمان يستحق الاحتفاء..بل يجب تشجيع كل رموز الحرس القديم أن يبحثوا عن أعمال أخرى تفيد الناس..من السيئ جداً أن يتفرغ بعض الناس كل الوقت للعودة مرة أخرى لدائرة الأضواء..أو أن يخصص بعض قادة الحزب الحاكم كل جهودهم لإحكام إغلاق المنافذ حتى لا يعتلي المنصة شخص غيرهم بحجة أن لا عودة للقدامى. بصراحة .. مجال العمل واسع، وخدمة الناس لها أبواب متفرقة ..لو كنت مكان علي عثمان لطلقت السياسة بالثلاثة، ولتفرغت للجهاد الأكبر في خدمة المجتمع في مدن وبوادي السودان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة