من فضائل رمضان انتهي اليوم الأول من الشهر الكريم تبقي تسعة وعشرون يوما بعد أسبوع سوف يكون الباقي ثلاثة أسابيع وهكذا وتستمر عملية الحساب والجمع والطرح علي أشدها يوما بعد يوم حتى نصابح العيد ونودع رمضان الذي عادة يرحل بنفس إيقاع القدوم الجميل ويرحل سريعا تاركا الناس بين من هو فرح بما قدم فيه من صالحات ومن هو فرح بعودة الإفطار. لقد تولي المولي سبحانه وتعالي العملية الحسابية لرمضان فقال تارة ( شهر رمضان) أي جعله شهرا واحدا ونحن نعرف مدة الشهر التي تتراوح بين الثلاثين يوما ومادون ثم جاء في موقع آخر ( أياما معدودات) ومن هنا فان فترة رمضان تظل فترة قصيرة محددة لا تحتاج للحساب وتذهب سريعا وبخاصة مع إيقاع الحاضر حيث أصبح اليوم يأتي من هنا ويذهب هناك وأنت قد لا تبارح مكانك. يبقي بعد ذلك عامل الفهم الكبير لخصوصيات هذا الشهر وهو فهم ينبغي أن يقودنا إلي حيث نعيش هذه الأيام المعدودات بصورة تجعلنا نخرج بعد الشهر وقد تعافينا من عادات ضارة لازمت حياتنا واكتسبنا مزايا جديدة فكم من وعود قطعناها علي أنفسنا بان نغير كذا وكذا فلم نفلح ولم نستطع وعلي سبيل المثال المحافظة علي صلاة الفجر ثم الذهاب للمسجد ثم الارتباط بالأسرة والجيران وصلة الرحم الهروب من إدمان الوسائط إلي صفحات المصحف الكريم تلاوة وتأملا هذه الراحة النفسية وهذا الهدوء الروحي الذي يلازم الفرد طوال الشهر برغم الجوع والظمأ كل ذلك وغيره من فوائد تطول القائمة لو أردنا أن نستمر في تسجيلها كل ذلك يدخل في مفهوم التقوى ذلكم المفهوم الكبير الشامل والذي جاء واضحا في ثنايا تشريع الصوم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) والتقوى كما هو معلوم مأخوذة من الوقاية وهي أن تجعل وقاية وحاجزا وسدا بينك وبين ما يؤذيك وما يضرك ، ويجلب سخط الله عليك ، ولا يتم ذلك إلا بطريقين : أولا فعل ما أمر الله به ثانيا ترك ما نهى الله عنه.قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بن كعب : ما معنى التقوى التي أكثر الله من ذكرها في كتابه ؟ فقال أبيْ : يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقا ذا شوك ؟ قال : بلى ، قال فماذا كنت تفعل ؟ قال كنت أشمر ثيابي وأحترز ، قال: هذه التقوى ، قال ابن كثير : وقد أخذ ابن المعتز هذا المعنى من أبي بن كعب فنظمه فقال : خـــــل الذنوب صغيرها وكبـيرها ذاك التقــــــــى واصنــع كمــاش فــوق أرض الشـــوك يـــحذر ما يرى لا تحقرن صغيـــــــرة إن الجبـــل من الحصــــــى فإذا كانت التقوى بهذه الأهمية وبهذا الفهم الكبير الذي يتطلب الحرص والتشمير فيكفي أن الصيام لوحده مظنة التقوى وجالب التقوى وقد ربطت الآية الكريمة بين الصيام والتقوى بصورة واضحة وصريحة تجعلنا نجعل أول فوائد الصوم هو الوقاية من ألآثام والشرور والذنوب بل كل المخالفات. ثم إن شهر الصوم هو شهر التجليات الربانية من قبول للعمل وقبول للمسلم نفسه وتقبل حالته في الصيام وضعفه وانكساره حتى ريح فمه المتغير يصبح طيبا محبوبا ثم تتعاظم أجرة عمله في التلاوة والقيام والصدقات والمسارعة في الخير والمسلم يضع في حسبانه أن مواسم الطاعات تختلف فالجمعة بخلاف باقي الأيام ورمضان بخلاف الشهور وتستمر هذا المنافسات وتتنزل التجليات حتى إذا كانت أواخر الشهر جاءت ليلة القدر ويكفي من أفضالها وخيريتها أنها فاقت ألف شهر قال العلماء أي العمل فيها والتعبد فيها يفوق أجره اجر الألف شهر حتى إذا اكتمل الشهر جاء العيد والصائم يعيش فرحة كبرى وهو يتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم للصائم فرحتان فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه. تداعت هذه الخواطر وانأ اسمع لكثير من الإخوان وهم يتحدثون عن الشهر ولعل بعضهم يضعف أمام حرارة النهار ودوامات العمل فينظر إلي الشهر نظرة عجلي متناسيا في زحمة الحياة أن هذا شهر بخلاف الشهور ليتنا نعي ذلك ونسال الله أن يوفقنا لصالح الأعمال.
علي الكرار هاشم محمد الرياض
05-28-2017, 10:49 AM
علي الكرار هاشم
علي الكرار هاشم
تاريخ التسجيل: 02-10-2007
مجموع المشاركات: 3710
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة