:: ذات مساء، باحدى القنوات، شاهدت مسؤولاً يتحدث بحكمة وموضوعية في بعض قضايا البلد، فنبهت ابن خالي ليتابع : ( الزول دا شكلو كويس وباين عليهو إصلاحي ، ولا رايك شنو ؟ )، فرد بإستياء كما توقعت : ( إصلاحي بتاع شنو؟، والله المسؤولين ديل كلهم زي بلالي العجلة، بتشبه بعض و بيشحمن بعض )..أعجبني الوصف البليغ .. (بلالي العجلة) غير أنها متشابهة في الأشكال ومتساوية في الأحجام، فهي لايمكن تشحيمها (بلي، بلي )، بل يتم جمعها في (قطعة قماش مشحمة)، وبعد ذلك يخلطونها ببعضها يدويا، بحيث ( يشحمن بعض)..!! :: ولتأكيد ذاك الوصف، إليكم هذا الخبر المحزن .. ( أكد وزير الدولة بالثروة الحيوانية ان مجلس الوزراء اصدر قرارا يسمح بتصدير إناث الحيوانات، مشيرا أنه قد أعتمد القرار رقم 219 لسنة 2008 الذي سمح بتصدير اناث الحيوانات، موضحاً أن القرار مر بعدد من المراحل القانونية ابتداء من الوزارة والقطاع الاقتصادي، ومضي مبروك مبارك سليم معللا القرار بأن الجينات موجودة في الذكور وليس الإناث، ومشددًا علي عدم وجود أي مشكلة فنية في تصدير الإناث)..!! :: لا جديد.. أي كما انتصرت على مجالس الوزراء السابقة، لقد انتصرت المافيا على مجلس الوزراء الحالي أيضاً.. ولعلكم تذكرون، في أغسطس الفائت، أعلن موسى تبن، وكان وزيراً للثروة الحيوانية، عن تدابير وضوابط جديدة لتصدير إناث الماشية.. ويومها توجست وكتبت بالنص : (هذا يعني أن هناك تدابير قديمة، ولم تعد ذات جدوى، وسوف يتم تغييرها بتدابير جديدة ، لتكتسب التخريب مشروعيته .. ولكن تصدير الإناث بأي تدابير - جديدة كانت أو قديمة- نوع من التخريب ) ..!! :: وعليه.. بعد قرار السماح بتصدير الاناث، لا فرق بين مجالس وزراء هذا العهد في الخضوع لأجندة المافيا .. السعودية ليست من الدول المنتجة لحد التصدير، ولا تملك من المراعي ربع مراعي السودان.. ومع ذلك، كان ولا يزال الأمر الملكي : ( صدر تعليمات من المقام السامي إلى الجهات الحكومية والمنافذ الجمركية تقضي بمنع تصدير إناث المواشي من أبقار وإبل وخيول وغيرها، مع ضرورة قيام وزارة الزراعة بأخذ تعهدات على تجار الماشية بالتقيد بالتعليمات الصادرة بهذا الخصوص مع تطبيق المخالفات بحق المخالفين).. هكذا .. أمر ملكي يحظر تصدير إناث كل الأنعام.. بما فيها الخيول..!! :: والسبب كما جاء على لسان وزارة الزراعة : ( هو الحفاظ على سلالة الخيول و الأبقار والإبل والضأن والماعز، ولكي لا ينتج التهجين مع سلالات أخرى، وأن القرار جاء من قبل المقام السامي يقضي بمنع تصدير إناث المواشي حفاظا على الصفات الوراثية لها، وإن تصديرها إلى خارج السعودية قد ينتج عن تهجينها مع ذكور من سلالات أخرى، فتظهر صفات جينية جديدة لتلك المواشي).. هكذا تحتكر الدول الواعية سلالة أنعامها وتحمي صفاتها الوراثية حتى ولو كانت من (الدول المستوردة)، ولا تعتمد عليها في إقتصادها القومي..!! :: والسعودية التي تخشى تهجين سلالة أنعامها سجلت صفاتها الوراثية في الملكية السلالية.. وما يعلمه مجلس الوزراء أن تسجيل الصفات الوراثية للأنعام في الملكية السلالية بجنيف يمنع نقل الصفات الوراثية من دولة إلى أخرى .. ولكن للأسف، صفات أنعامنا الوراثية لم يتم تسجيلها في تلك الملكية لعدم توفر الميزانية كما قالت الوزارة قبل خمس سنوات، ولاتزال عرضة للسرقة والتهجين .. وكان على مجلس الوزراء تسجيل الصفات الوراثية للمواشي السودانية في الملكية العالمية (أولاً)، أي قبل تخريب وتجفيف المراعي - من المواعين المنتجة - بهذا القرار غير المسؤول..!! :: قرار حظر تصدير الإناث بُعمر (سودان ما قبل الإنفصال)..وغفر الله للوزير الأسبق محمد أحمد أبوكلابيش - الذي أقنع مجلس الوزراء - 2008 - بإلغاء هذا الحظر التاريخي بتبرير : ( هي لا تلد في مناخ غير مناخ السودان، ولن تنتج في دول الخليج)، هكذا دافع أبوكلابيش عن القرار الكارثة .. وقد لاتلد إناث أنعامنا في مناخ الخليج، وهذه ليست حقيقة علمية، ومع ذلك فليكن، ولكن تصدير الإناث يقزم حجم الإنتاج.. ومجلس الوزراء يعلم ذلك.. ولكنهم - كما قال الطيب صالح - يحبّون وطنهم وكأنّهم يكرهونه..ويعملون على إعماره - بمثل هذا القرار الكارثي - وكأنّهم مسخّرون لخرابه..و.. نواصل ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة