قبل سنوات وفي حفل استقبال دبلوماسي كان مواطن سوداني يرتدي ملابس بسيطة وأنيقة يجذب في دائرته عدداً من الدبلوماسيين ..سألت عن هذا الرجل الذي يحظي باهتمام لافت فعرفت أنه الدكتور مضوي إبراهيم الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الخرطوم والناشط الاجتماعي المهتم بقضايا دارفور..بالطبع لا أدري البضاعة التي يعرضها الرجل وتعجب الدبلوماسيين الأجانب ..لكن مثل هذه المكانة تجعل مضوي إبراهيم حاضراً في كل التقارير الدبلوماسية التي تمضي إلى العواصم المؤثرة من محطة الخرطوم. منذ أشهر تم اعتقال الدكتور مضوي إبراهيم ..ليس من المهم أن ندرك تفاصيل الاتهامات، لكن علينا أن نمضي مباشرة إلى نتائج الاعتقال السالبة في هذا التوقيت..من قبل تم اعتقال السيد مبارك الفاضل على ذمة التخطيط لمحاولة انقلابية..بعد سنوات جرت مياه كثيرة تحت جسور السياسة..الآن الفاضل وزير في حكومة الفريق بكري صالح..ذات الخصومة تحولت إلى مودة بين الحكومة والمتمرد السابق موسى محمد أحمد فبات وجهاً ثابتاً في القصر الجمهوري ..ولست في حاجة لسرد حكاية الدكتور الحاج آدم يوسف زميل مضوي إبراهيم في هيئة التدريس بجامعة الخرطوم الذي تحول من متهم مطلوب القبض عليه حيّاً أو ميتاً إلى مسؤول رفيع في حكومة الإنقاذ. في أواخر عهد الرئيس مبارك تسبب الدكتور سعدالدين إبراهيم في خميرة عكننة في العلاقات المصرية الأمريكية ..أستاذ علم الاجتماع كان عصياً على الترويض وبات ينشط في نشر تقارير تثير غضب الحكومة المصرية بشأن حقوق الإنسان من مركز ابن خلدون الذي يديره من القاهرة.. بلغت المواجهة حد الحكم بسجن الرحل لربع قرن مع الأعمال الشاقة ..لكن القضاء أنصفه في مرحلة النقض..أمثال سعدالدين ومضوي إبراهيم باستطاعتهم تسبيب الأذى الجسيم لأي حكومة وبأسلحة ناعمة جداً..لهذا من الأفضل استخدام وسائل أخرى للتعامل معهم ليس من بينها الاعتقال. في الأيام القادمة سيتم فحص سجلات الحكومة السودانية في مجال حقوق الإنسان ..كل ذلك توطئة لرفع العقوبات الأمريكية القاسية على السودان ..في مثل هذا الامتحان الإجباري عليك أن تتوقع أي أسئلة محرجة ..مثل بقاء مضوي إبراهيم في الاعتقال دون تحويله إلى محكمة طوال الفترة السابقة..وبما أن المقاييس التي تصحح بها الورقة السودانية غربية فلن يتم استيعاب تبريرات أن الأمر تم وفقاً للقانون أو أن التحري لم يكتمل ..لهذا من ناحية واقعية على الحكومة أن تسعى إلى إغلاق أي ملف يمكن أن يعيق مشروع رفع العقوبات. في تقديري على الحكومة ورئيس الوزراء الجديد أن يستغل سانحة الشهر الكريم ويوجه فوراً بإطلاق سراح الدكتور مضوي ابراهيم..إن كانت الحكومة تجد حرجاً في ذلك التنازل فعلى زملاء مضوي ابراهيم في جامعة الخرطوم أن يقودوا مبادرة تنهي الأزمة العالقة..مهما كانت أخطاء الرجل فقد ظل حريصاً ألا يرفع السلاح في وجه الدولة ..كما أنه اختار منازلة الحكومة من الخرطوم وكان في إمكانه ان يختار عاصمة أخرى تجعله بعيداً عن اليد الحكومية. بصراحة..من الأفضل للحكومة أن تختار الوقت المناسب لتقديم التنازلات..بل من المهم جداً أن تكون الحكومة الجديدة محطة فاصلة بين عهدين..الخطر لا يأتي أبداً من الذين يعارضون من الخرطوم وإن كان صوتهم عالياً . assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة