*حكومة الانقاذ في عقدها الثالث تواصل في انحدار المعاني والمباني وتشظي البلد وتجني ثمار ما غرست ولكن هذه المرة سيجني معها البلد كله ثمرة هذا الغرس الخبيث ، فالخطاب الذي بثه الشيخ موسى هلال ليعلن رفضه لحملة جمع السلاح ويعلن موقفه فيما يجري فإنه يذكرنا بنفس مناخات العام ٢٠٠٢ عندما اعلنت حركة العدل والمساواة تمردها وشنت هجومها علي الحكومة المركزية في ظل مفاوضات نيفاشا ، فلجأت الحكومة الي المليشيات و زودتها بالسلاح فكان هذا التصرف تصعيدا جديدا ضرب التعايش السلمي بين القبائل في دارفور في مقتل ، ولم يكن غائبا خطورة المشهد عن ابن دارفور الفريق ابراهيم سليمان الذي كان رافضا لفكرة تكوين المليشيات فقام بأعتقال عدد من زعماء القبائل علي رأسهم الشيخ موسى هلال ، ولما قامت حركة العدل والمساواة في الهجوم علي مطار الفاشر وتدمير الطائرات المقاتلة وقتل واسر عدد من العسكريين قامت الحكومة بإقالة الجنرال ابراهيم سليمان . *بعدها جاء عثمان يوسف كبر والياً على شمال دارفور فأخذت ازمة دارفور منحى اخر تبين انه الأكثر دموية في مسار الازمة واتسعت مسارات التدويل وقامت التحالفات علي النحو الذي نعرفه جميعا من قوات حرس حدود الي قوات دعم سريع ودخلت القابائل في اتون المحرقة، ولو القينا نظرة سريعة على مفاوضات ابوجا في نيجيريا فإنها لم تقم بتمثيل كل العناصر الدارفورية مما كان له الاثر السئ عند العناصر العربية التي تتلخص مطالبهم في سياسية تمليك الاراضي وتنظيم مسارات الرحل والرعي لماشيتهم وتدهور علاقتهم مع جيرانهم الافارقة وانغلاق ممرات الترحال والتجارة وفي العام ٢٠٠٦ وقع الزعيم مني اركو مناوي وهو الوحيد الذي وقع علي اتفاقية ابوجا وحاز على منصب كبير مساعدي رئيس الجمهورية وكانت الاتفاقية قد نصت صراحة علي تحييد ونزع سلاح الجنجويد ، وهم انفسهم لم يكونوا يضمنون أمنهم الا عبر سلاحهم خاصة انهم قد توصلوا الى قناعة بأن الحكومة يمكن ان تتخلى عنهم في اية لحظة لاجل شركائها الجدد . * ففضلا عن الاحتقانات التقليدية والاسباب التي فجرت صراع دارفور انضاف لهذا عوامل ازمة الثقة عند الأطراف مع بعضهم ومع الحكومة ، فما بين الضغط والضغط المضاد والاستقطاب والاستقطاب المضاد يظل الدم الدارفوري متاحا في حفلة الموت المجاني وتظل البلد مهددة بالإنهيار التام والخطاب الذي اطلقه الشيخ موسى هلال بكل حدته يعتبر جرس انذار مبكر لما سيؤول اليه الحال فيما لو لا قدر الله ارتفع سقف المواجهة ، وحملة جمع السلاح التي اطلقها نائب الرئيس الاستاذ حسبو محمد عبد الرحمن دون ان تمهد لها الارض لتنحل المشكلة من جذورها ستكون هذه النتيجة ايضا كارثية ليس على دارفور وحدها بل علي كل هذا الوطن المحزون ، والطريقة التي ابتدرت بها الحكومة جمع السلاح خاطئة ، فإن القضية ليست في جمع السلاح انما في معالجة ما افرزته الحروب من ضغائن واحقاد وجراحات فعلى الحكومة ان تعالج هذه الاوبئة ساعتها سيسقط او يسكت السلاح تلقائيا وشعبنا قد عرف طعم الحرب ويريد ان يتذوق طعم السلام فهل هذا كثير ؟ وسلام ياااااااااا وطن سلام يا السيد مبارك الفاضل في دعوته التي تبرأت منها الحكومة قائلة علي لسان دكتور احمد بلال ( ان تصريحات مبارك الفاضل بشأن التطبيع مع اسرائيل تخصه ، وان موقف الحكومة ثابت لا يتغير بأنه لا تطبيع ولا اعتراف بإسرائيل) حسرة علي هذا البلد ما الذي يجعل تصريحات مبارك تخصه وتصريحات بلال لا تخصه؟! سنتركهما معاً اذن: مالذي يخص الحكومة ؟! وسلام يا .. (الجريدة ) السبت ٢٦\٨\٢٠١٧
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة