:: كالعهد بها دائماً في كل عيد أضحى، سوف تفتي خطب الجمعة للمصلين بجواز الاستدانة أو شراء الأضاحي بالأقساط.. نعم، بعض الشيوخ، كما شيوخ هيئة علماء السودان، بارعون في تغطية الأزمات بمثل هذه الفتاوي.. ولا يقتربون نهائياً إلى أصول الأزمات وأسبابها وحلولها..!! :: فالإفتاء بجواز شراء الخروف بالأقساط يجب ألا يطغى على الأسباب التي ترغم السواد الأعظم من أهل السودان على الاستدانة أو الشراء بالتقسيط رغم أنهم يعملون في دولة تنتج وتصدر المواشي .. فالأزمة المنسية - في خطب الشيوخ - هي أسباب الفقر لحد عجز العامل عن شراء خروف الأضحى.. كل الخطب داعية إلى التصالح والتعايش مع أسباب الفقر بفتاوى الاستدانة و (خروف بالأقساط)..!! :: ولسنا فقهاء ، ولكن بالفطرة السليمة علمنا بأن الأضحية - كما الحج - لمن استطاع إليها سبيلا.. وأن دين الله الحنيف لا يلزم المسلم بأن يدخل ذاته وأسرته في دائرة الغارمين بحثاً عن ثمن الأضحية.. وفي الأثر الشريف، ضحى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لمن لا يملكون قوت يومهم وعامهم، حتى لا يرهقوا أنفسهم بالاستدانة ويصبحوا - بجانب الفقر - من الغارمين أيضاً..!! :: ثم دين الله الحنيف يأمرنا بأن نستفتي قلوبنا أيضاً وليس العلماء فقط، وهو دين يرتكز على الرحمة والاستطاعة في أداء الشعائر.. والإفتاء بجواز الاستدانة والتقسيط قد يرهق الأسر المتعففة والتي قد تلجأ إلى الاستدانة - عملاً بالفتوى - وتصبح غارمة لكي تضحي..وكذلك جمعية حماية المستهلك، وكأنها تعيش في كوكب المريخ، تطالب الحكومة سنوياً بالتدخل وحماية المواطن من غلاء أسعار الأضاحي .. فالجمعية تنسى أو تتناسى بأن الحكومة - المطالبة بحماية المواطن من الغلاء - من أكبر أسباب هذا الغلاء..!! :: وعلى سبيل المثال، يدفع تجار المواشي لوزارة الثروة الحيوانية رسوماً قدرها ( 27.40 جنيه، في كل رأس خروف صادر)، بلامقابل .. أي هي الوزارة العاجزة عن إحصاء الثروة الحيوانية وتسجيل سلالاتها، وهي العاجزة حماية الثروة الحيوانية من مافيا تصدير الإنالث، وهي العاجزة عن تطوير المراعي ..ولو رفعت هذه الوزارة و المحليات و الولايات أثقال رسومها عن الخروف لضحى السواد الأعظم من الناس بغير استدانة أو إذلال..!! :: وإليكم بعض الرسوم الملقاة على ظهر المواطن والخروف.. رسوم الولاية، رسوم التعليم، دمغة الجهاد، دمغة الجريح، رسوم الدعوة الشاملة، رسوم دعم الشرطة، الرسوم البيطرية، رسوم التفتيش، رسوم التنمية، رسوم مُباع،رسوم النفايات، ضريبة أرباح أعمال، رسوم البيطري..هذه بعض الرسوم، وليست كلها..يدفعها تاجر المواشي للحكومة التي تناشدها حماية المستهلك بالتدخل. ..وكل هذه الرسوم، وما خفي أعظم، يتم تحصيلها بعلم وزارة المالية، ولائية كانت أو مركزية..!! :: وحسب إفادة صديق حيدوب، الأمين العام السابق لشعبة المصدرين، فإن قيمة تلك الرسوم تعادل ( 25% من قيمة الخروف)..أي ربع القيمة، يدفعها المواطن مُكرهاً بواسطة تجار المواشي للحكومة التي تناشد جمعية حماية المستهلك بالتدخل ..فالحكومة لا تتدخل فقط أيتها الجمعية، بل هي تستغل حاجة الناس إلى الأضاحي وتقتحم المراعي برسومها وتحتل الأسواق بجباياتها و تغزو الحظائر بأتاواتها..فطالبيها بالخروج..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة