:: تعقيباً على زاوية الأمس، وكانت - كما قضية اليوم - عن رسوب كل تلاميذ مدرسة أولاد يس بجنوب الجزيرة، كتب أحد القراء تعليقاً رائعاً بالموقع الإلكتروني للزاوية ، حيث يقول الأخ مصطفى سرور : (عبر هذا المنبر التحية لتلاميذ مدرسة أولاد ياسين الذين عبروا بطريقة حضارية لرفضهم دراسة منهج تعليمي لا يزيدهم إلا جهلاً، كما تم توصيل صوتهم بطريقة مبتكرة لتوضيح النقص الحاد في كل معينات التعليم من الأستاذ والاجلاس والكتب، وأتمني من تلاميذ كل مدارس السودان أن يتعاملوا بنفس الطريقة، حتي تعلم الحكومه أن الجهل أفضل من أنصاف المتعلمين ) :: لقد صدق الأخ مصطفى .. أي من حيث لا يحستبوا - وبلا قصد أو نوايا أو تخطيط - نجح تلاميذ مدرسة أولاد ياسين في التعبير عن غضبهم ورفضهم لما آل عليه حال التعليم بمدرستهم .. فالرسوب الجماعي للتلاميذ رسالة محتواها أن هناك فشل جماعي في مواقع المسؤولية .. ثلاثة معلمين فقط، يتقاسمون الوقت فيما بينهم لتدريس (480 طالباً)، هم عدد طلاب مدرسة أولاد ياسين.. وقبل نهاية عام الرسوب، لم يتبق من الثلاثة معلمين غير معلم واحد فقط لاغير بعد إستقالة إثنين، حيث ظل هذا المعلم يهرول من فصل إلى آخر - طوال ساعات الدراسة - ليدرس كل الفصول وكل المواد ..!! :: من المسؤول عن نقص المعلمين لهذا الحد غير والي الجزيرة و وزير التربية بالولاية ثم رئيس المحلية وإدارة التعليم بالمحلية ؟.. عفواً ليس نقصاً فحسب، بل هو (العدم)، أي مدرسة بلا معلمين، محض جدران و مدير .. لقد أخطأت كل السلطات المسؤولة بولاية الجزيرة، بل إرتكبت جريمة في هؤلاء الصغار الأبرياء ومستقبلهم بفشلها في توفير المعلمين رغم توفر الكادر والمال .. فالجزيرة لا تقصها الكوادر والكفاءة بحيث تكفي هذه المدرسة وتفيض، ولا تنقصها الأموال، فلماذا الفشل والعجز والإهمال واللامبالاة لدرجة (الرسوب الكُلي)، وكأن هؤلاء الصغار ليسوا ببعض مستقبل السودان ..؟؟ :: ثم يأتي دور أولياء الأمور، فهؤلاء أيضاً شركاء في هذه الكارثة .. فالشاهد، حسب إفادة مدير المدرسة، أن تلاميذ هذه المدرسة المجاورة لسوق القرية يتسربون من المدرسة في يومي السوق أسبوعياً، لبيع (الداندرمة).. وهذا يعني أن أيام الدراسة بهذه المدرسة - بعلم المدير و أولياء الأمور - ثلاثة أيام فقط لاغير .. هذا غير أن هناك من يتسرب ليعمل مع والده في الزراعة، كما يقول المدير ..وهذا التسرب - بغرض العمل - مسؤولية أولياء الأمور، وهذا يعكس ضعف القوانين والقرارات التي تحمي إلزامية التعليم ..فالأب قد يكون جاهلاً، وغير مدرك لعواقب تشجيعه ودفعه لطفله إلى السوق والحواشة، ولذلك يجب أن هناك قانوناً يحمي هذا الطفل من (جهل والده) ..!! :: ثم لطاهر ايلا تجربة ناجحة بالبحر الأحمر، ويجب تطبيقها - عاجلاً - في أرياف الجزيرة.. بوعي وعزيمة مجتمع البحر الأحمر، كان قد نجح في تأسيس أعظم مشروع في البلاد وليس في البحر الأحمر وحدها.. مشروع الغذاء مقابل التعليم، وكان يستهدف سنويا أكثر من ( 8000 تلميذ)، وبه تم تقزيم نسبة التسرب في مدارس الريف إلى ما تقارب (الصفر)..ومع ذلك، أي رغم كثافة التلاميذ بالمدارس، بوعي وعزيمة المجتمع نجح في أن تكون البحر الأحمر الولاية الوحيدة التي فيها نسبة الإجلاس والكتاب بالمدارس (100%)..ولأول مرة في تاريخها، تساوت أعداد الطالبات مع أعداد الطلاب في ( إمتحان الشهادة)..علما أن البحر الأحمر كانت من الولايات التي ثقافة مجتمعها ترفض أوتتحفظ على تعليم البنات..!! :: مجتمع الجزيرة لا يختلف عن مجتمع البحر الأحمر، أي مثل كل مجتمعات بلادنا (زراعية ورعوية)..وهي المجتمعات التي تتفشى فيها ظاهرة التسرب لعدة عوامل منها الجهل والفقر ثم بيئة التعليم الطاردة ..وهي المجتمعات التي تعلم طلابها سابقاً بأقوى النظم المكافحة لظاهرة التسرب وهو نظام (الداخليات).. ولكن للأسف، بعد القضاء على الداخليات، لم تشهد مجتمعات الأرياف أي تطوير في نُظم مكافحة تسرب التلاميذ ..وحسب إحصاء وزارة الشؤون الإجتماعية، فان نسبة الفقر بولاية الجزيرة تتجاوز (40%).. وعليه، لكي لا يتواصل هذا الرسوب سنوياً، فبعد تحسين السلطات لبيئة التعليم، فأن مشروع الغذاء مقابل التعليم سوف يقزم نسبة التسرب في أرياف الجزيرة ..وهنا يأتي دور المجتمع، أي يجب أن يكون إيجابياً ومُبادراً و داعماً بدلاً من أن يبقى متفرجاً و ( لاعناً للظلام)..!! fb
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة