في زمان غير هذا ، حيث كانت هناك كثير من الأشياء الممكنة و التي لم تعُد الآن كذلك ، بقيتُ ردحاً من الزمان ( أستمتع ) بممارسة مبدأ التغاضي عن المُنغصات أو ما يُعرف بالعامية ( الطناش ) ، وِفقاً للمثل السائد ( سِد دي بيّْ طينه و التانيه بي عجينه ) ، وكنت حينها بالفعل مرتاح البال و الضمير و الجسد و ( مستمتعاً ) مُحترفاً في الفُرجة من بعيد و فضلاً عن كل ذلك ( بعمل رايِّح ) ، و لكن على ما يبدو أن الأمور في زماننا ( الحرِج ) هذا قد تغيَّرت و تبدَّلت و أصبح أمر ( الطناش ) مخاطرة ربما كلفتك الكثير بما في ذلك حياتك و مالك و زمنك و أشياء أخرى نفيسة قد لا تُقدَّر بمال و ليس لها ثمن ، و على ما يبدو أن ( الطينه ) و ( العجينة ) قد تغيَّرت تركيبتهما الكيميائية فأصبحتا لا تفيان بغرض عزل أذنيك و فِكرك عن ما ينغِّص عليك صفوك ، و مصداقاً للأمر أنظروا إلى تأثير التغيُّر الذي طرأ في العجينة على رغيف الخبز نوعاً و حجماً و كماً ، ثم أنظروا ما طرأ على طينتنا الوطنية الخصبة و التي كانت تموِّل إقتصاد السودان و بعض الدول المجاورة و القصية عبر مشروع الجزيرة و غيره من المشاريع الزراعية الفاعلة ، كيف أصبح مآلها الجدب و الجفاف و البور و التصحُر ، أقول هذا و كثير من نشرات التوعية الرسمية و التابعة إلى عدد من منظمات المجتمع المدني تدعوك كمواطن بسيط إلى دور ( إيجابي ) تجاه القضايا و المشكلات العامة ، بمعنى أن لا تجلس في مكانك قابعاً في إنتظار جهات الإختصاص التي قد يطول أمد إنتظارها مما قد يُعقَّد المُشكلة و يرفع من مستوى خسائرها ، و تجاوباً من شخصي الضعيف بإعتباري (مواطن بسيط ) ذهبت ذات يوم إلى مركز شرطة مجاور للإبلاغ عن سيارة متوقفة أمام داري و أبوابها الأربعة مفتوحة و ( منكوشة ) من الداخل نكشاً بائناً لا لبس فيه ، مما دفع بخيالي ( الخصب ) أن أتخيِّل أن جريمةً ما أو أمراً جلل حدث بخصوصها ، المهم دخلت المركز و قابلني الضابط المسئول ببشاشة و إحترام و إستمع مني للموضوع بإهتمام ، ثم أمر أحد منسوبيه بالذهاب معي و جر العربه المريبه إلى المركز و قد كان ، ثم بعد ذلك طلبت الإستئذان بإعتبار أن مهمتي قد إنتهت عند هذا الحد ، لأفاجأ بالضابط يُبلغني عبر إبتسامةٍ وضيئة ، لا يمكنك الذهاب قبل تسجيل أقوالك لدى محضر التحري ، و أشار إلى مكتب التحري الذي كان مكتظاً حينها بعشرات الموقوفين من السكارى و المجرمين و المشردين و غيرهم ، و مُجبراً أضطررت لإنتظار دوري حيث أسفرالأمر عن خروجي من المركز في حدود الساعة الثانية صباحاً ، و عندما وصلت البيت وجدت أسرتي على وشك الذهاب إلى نفس المركز للإبلاغ عن ( إختفائي ) .. هذا المقال موّجه حصرياً إلى وزير الداخلية و مدير شرطة العاصمة .. كيف للناس أن يلعبوا دوراً تجاه القضايا الأمنية للمدن و هم يسمون أمر ولوجهم لأقسام الشرطة ( جرجره ) .. و السؤال المطروح ماذا تفعل إدارة الشرطة في مجال تدريب منسوبيها على فهم دورهم ( الخدمي ) تجاه المجتمع و توسيع قدراتهم في مجال ( التواصل الأمثل ) مع المواطن حال وجوده خارج مصطلح التصنيف القانوني ( متهم ) .. مستقبلاً سأحاول معاودة تفعيل صِلاتي القديمة مع مبدأ ( سِد دي بيّْ طينه و التانيه بيّْ عجينه ).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة