حتى الآن لم يسدل الستار في الحديث عما يسمى بالحوار الوطنى .. ولم يوصد الباب عن التوقيع على ما أسموه بالوثيقة الوطنية التى يعنى التوقيع عليها الإنضمام لهذا الحوار الوطنى ..إيمانا بمخرجاته وأبرز سماته وما جاء في سائر أحزياته .. في ظل ذلك كله يثار التساؤل : هل هذا الحوار الوطنى سيظل بمثابة : إختراق سياسي يؤسس لحل شامل أم مجرد صراع بقاء مهما كلف الأمر من ثمن أو كيفية تحسن أو تساء ؟!.. الأمر قد يكون واضحا لكل متابع أو مراقب أو مدرك بأن الدعوة إلى تنفيذ مخرجات الحوار في ظل التوزيع المسبق للأدوار (محاصصة السلطة) .. هى دعوة حق أريد بها باطل ؛ لأن توزيع مقاعد السلطة على ذات الأسس والمعايير المعيبة التى أقعدت السودان وأهله عبر حقب زمنية عجاف لا تعى ولا تنطق لم تعد تجدى نفعا ؛ لأن هذه المعايير الضيقة (توزيع السلطة على أساس البيوتات ـ حضارات سادت ثم بادت ـ والجهويات والعرقيات وسائر الإنتماءات) هى سبيل الفشل وإعادة إنتاج الفشل بل وإدمان الفشل .. ما معناه إذا آثرنا المسير في هذا الإتجاه المعيب فإننا لم نكن قد أتينا بجديد مهما يحدث من تعالى بالأصوات والتبشير بأن هناك ثمة شئ جديد ..خاصة أن درجات الوعى لدى الشعب السودانى قد خطت خطوات غير مسبوقة .. وأن فرص إعمال الخداع والتدليس على عقلية الشعب السودانى الذى أصقلته التجارب قد تضاءلت كثيرا إلى حد مقدر ومعتبر ..أمام المد التراكمى لأعباء المعيشة وتدنى مستوى الخدمات والغلاء الطاحن و(الزيادات الأخيرة ) المرتجلة غير المدروسة وغير المبررة والتى تمس صميم حياة ومعاش الناس إن دل على شئ إنما يدل على أن الحكومة لا تزال سادرة في غيها (سياسات التخبط والإرتجال وتضيق الخناق) غير آبهة بهموم وقضايا رعاياها العادلة .. وهذا بدوره كاف لجر الناس الخروج في وجه الحكومة ويجعل الباب مواربا أمام شتى ضروب العصيان ضد الدولة بما فيه (العصيان المدنى ) خاصة أن الناس قد ضاقت زرعا من مثل هذه السياسات المعيبة التى خلت من أية حكمة أو دراية ببواطن الأمور ومدى تبعات ومآلات ذلك الوخيمة على كافة الصعد خاصة بالنسبة (للحوار الوطنى الذي بدأت رحلة التبشير به بالولايات المهمشة ) والناس هذه الأيام يعيشون في أجواء هذا الحوار .. فهل هذه الزيادات الأخيرة المثقلة لكاهل المواطن .. هل هدية الحوار الوطنى مقدمة لجموع الشعب السودان ..الأمر فيه استهتار بمقدرات الشعب الكريم وقمة الاستخفاف بإراداته الحرة ؟!..وهل الشعب السودانى سيعتبر هذه الهدية القيمة في غير أوانها كما إعتبر من ذى قبل نتيجة الإنتخابات الزائفة ؟ّ!.هذا على ذاته أعتى صفعة على وجه الحوار الوطنى وأقوى وصمة عار على جبين القائمين على أمر الحوار الوطنى .. الحق أحق أن يقال ..مع أنه رحلة إنفاذ الحوار الوطنى لم تبدأ بعد أى طور (المهد) ..فإذا كان السيد المسيح عليه السلام عن معجزة حدث الناس في المهد صبيا عتيا ومع ذلك كان كلامه حقا وإعلاء لكلمة الحق !. لكن ماذا يريد حواركم هذا أن يكلمنا وهو في طور المهد ؟.فشتان من يكلم في المهد سويا وحقا وذاك الذي يتكسح في المهد مترهلا ولا ينطق إلا باطلا قهقريا وخداعا. اذا سارت الأمور في خضم هذا الحوار الوطني ومخرجاته في هذا الاتجاه المعيب فإننا لا نكون بشأن حوار وطني يكون بمثابة اختراق سياسي يعد في عداد مخرج ممكن للبلاد من وهدتها الحالية وإنما يؤسس لصراع خفي علني لأجل البقاء على سدة الحكم واعمال كل ما يؤسس للتمكين قيد هذا البقاء رغم أنف الآخرين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة