شعرت أن شمس الكرامة لا تفارق أرض فلسطين، وعشت لحظات من الفخر والاعتزاز، وأنا أقرأ خبر التوصل إلى اتفاق صلح وتراضٍ بين كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لواء خان يونس، وبين أولياء دم المرحوم صقر عنبر. فما أسعدني بهذا الخبر الذي يؤكد أن قوة كتائب القسام لا تكمن في سلاحها بمقدار ما ترتكز على قوة العدل الذي صار نهجاً لكتائب القسام! وما أسعدنا كشعب فلسطيني ونحن نرى كتائب القسام تحارب التجبر والتمايز والتسلط والتكبر! فإذا بكتائب القسام التي أرعبت إسرائيل، تمد يدها الحنونة، وتوقع اتفاق صلح مع أسرة بسيطة عادية، لا تمتلك من أمرها القدرة والقوة لمواجهة كتائب القسام! كتائب القاسم التي أربكت أنفاقها الهجومية وصواريخها بعيدة المدى آلة البطش الصهيوني، هذه الكتائب تخفض جناح الرحمة لشعبها، وتعلن بكل جرأة وشجاعة عن تحمل كافة المسئوليات عن مقتل المرحوم صقر عنبر، بل وتدفع مقدار سبعين ألف دينار أردني دية لأولياء الدم!. فما هذه الروح القتالية التي تمسح بكف الحنان على جبين الأجيال؟ وما هذا السلوك الذي يحفزنا على التساؤل: في أي زمن تعيش كتائب القسام؟ ومن أي معدن صنع هؤلاء الرجال؛ الذين يحرصون على وحدة شعبهم حرصهم على انتزاع النصر من أعدائهم؟ فما أعظمكم يا كتائب القسام وأنتم تتساوون أمام القانون مع أصغر فرد في قطاع غزة! ما أكبركم يا كتائب القسام وأنتم تمدون يدكم المضرجة بدماء الحرية لتصافح أسرة لا تمتلك من القوة المسلحة ما يجبركم على الاعتراف لها بالحق الشرعي! إن حرص كتائب القسام على المصالحة الوطنية ليدلل على أن الحاضنة الشعبية هي مصدر القوة الأول للكتائب، وأن الشعب هو الحضن الآمن للمقاومين، وأن هذه الجماهير على استعداد لأن تبيع الغالي والرخيص من أجل وشاح كرامة يزين جبين الشباب والصبايا. مصالحة كتائب القسام مع عائلة صقر عنبر ليست الأولى في تاريخ حركة حماس، ففي سنة 2005، اعترفت حركة حماس علانية بأنها أخطأت بحق المواطن (حكمت شكري) من قرية (كوبر) في الضفة الغربية، والذي قتل بتهمة العمالة لإسرائيل، فكان اعتذار حماس في ذلك الوقت بمثابة حياة لنفوس تجرعت المرارة مرتين، مرة عندما فقدت ولدها، ومرة عندما خجلت أن تعترف به ولداً لها، بعد أن اتهم بالعمالة لإسرائيل، واتهم بخيانة دينه، وقومه، ووطنه، وربه، فما أصعب هذه الأوصاف إذا أطلقت على شريف النفس! لقد مثل اعتراف حماس بخطأـ مقتل المواطن "حكمت شكري" تعويضاً معنوياً يفوق الدية الشرعية، بل يعادل كل خزائن الأرض بما جمعت، لأن مستقبل أسرة بأكمله قد نهض من الحضيض إلى القمة، ومن الشك إلى اليقين، ومن الخوف إلى الأمن، ومن الحزن إلى الفرح، ومن الحقد إلى المحبة، ومن القلق على المستقبل إلى الثقة بالنفس، ومن التنافر إلى التوحد، فكيف حال من روّع بالموت، وفارق الحياة، وهو يقول في نفسه: أنا مظلوم!!. هذه هي حركة حماس التي ننتظر منها المزيد من المصالحة المجتمعية، لتشكل بهذه السلوك آية لكل التنظيمات الفلسطينية لتنحو طريق الكرامة نفسه الذي سارت عليه حركة حماس، ليعمل الجميع على تسوية قضايا الدم التي تتقد ناراً لا تحرق إلا ثوب الأمن الفلسطيني. رحمك الله يا صقر عنبر، يا صديقي في سجن غزة، ستظل روحك عنواناً للوحدة الوطنية، كما أبت سيرتك الذاتية أن تكون عنواناً للانقسام والفرقة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة