بسخريته تلك استغرب الشهيد محمد طه محمد أحمد من أحد الشروط المطلوب توافرها فيمن يرأس تحرير صحيفة ..كان الشرط غير المكتوب أن يكون المتقدم للوظيفة يبلغ من العمر أكثر من أربعين عاماً على أقل تقدير..وذلك لأن من الشروط الحصول على شهادة بكالوريوس مصحوبة بخبرة خمسة عشر عاماً في المجال الصحفي..عندها صرخ الشهيد محمد طه أن نبينا الأكرم تنزل عليه التكليف وأبلغ بالرسالة وهو في عمر الأربعين. الآن من الممكن حسب الدستور أن يصبح أي صحفي رئيساً للجمهورية، إذا ما كان عمره أربعين عاما وسليم العقل ولم يرتكب جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ..هنا حسب الدستور لا حديث عن سابق خبرات في مجال الحكم ..بل بإمكان ذات الصحفي أن يصبح مديراً عاماً لقناة فضائية يصل بثها إلى أقاصي الدنيا، حيث لا توجد شروط مسبقة . أمس الأول كان الأستاذ محمد المعتصم حاكم رئيس شعبة الإعلام بالبرلمان يتحدث لقناة أم درمان حول فكرة دمج الصحف ..النائب حاكم أوضح أن الصحف في السودان أكثر من أي دولة أخرى ..وأن الدمج الطوعي يوفر موارد مالية كانت مخصصة لاستيراد الورق والأحبار ..وكانت قد سرت أنباء عن توجه الحكومة لإصدار قانون يفضي إلى دمج الصحف. الصحافة الآن أكثر مهنة تعاني في السودان..كل ناشر مهدد بالإفلاس وربما الدخول إلى الحبس بسبب التعثرات المالية ..هذا غير المتاعب الأخرى المرتبطة بالعمل في حافة الهاوية المحددة بالخطوط الحمراء..حتى شركات القطاع الخاص تبخل بالإعلان في الصحف رغم أن ذلك يندرج في إطار المسؤولية الاجتماعية المتعلقة بنشر الوعي والاستنارة . في دول كثيرة مثل المغرب وموريتانيا تدعم الحكومة الصحف بشكل شفاف وبناءًا على تقارير التوزيع..هنا حكومتنا لها قنوات دعم سريع للصحف الموالية..حتى الإعلان الحكومي تحفه صعوبات من الندرة وتأخر التحصيل إلى الوسطاء الذين قد يطلبون نصف المقبوض نقداً وعداً..المكتبات التي تمثل مواعين للتوزيع مارست فيها الحكومة سياسة الرعي الجائر..مثلا لا توجد مكتبة واحدة في شارع الانقاذ بالخرطوم بحري ..ذات الحال ينطبق على شارع النفيدي بشرق الخرطوم ..الحصول على صحيفة يعتمد على الباعة المتجولين الذين يزيدون من سعر الصحيفة فيقل الإقبال عليها. في تقديري إن الحكومة سترتكب خطأً إن فرضت دمجاً قسرياً على الصحف ..حتى فكرة إصدار قانون جديد للصحافة التي تم الإعلان عنها تعتبر سيرًا في الطريق الخاطيء ..الأفيد أن يأتي القانون الجديد متزامناً مع واقع ما بعد الحوار الوطني وتوسيع قاعدة التمثيل في مؤسسات الحكم..مثل هذه الخطوات تحسب في خانة التضييق على النشر وحرية التعبير. بصراحة..ليس مطلوب من الحكومة سوى أن تترك الصحف تعمل وفق القانون المنسجم مع مبادئ الدستور..البضاعة الجيدة بعد ذلك ستطرد الأخرى السيئة دون الحوجة لإجراءات استثنائية. akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة