في تقرير لها استعرضت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الثلاثاء الأول من نوفمبر 2016 العلاقات بين القاهرة والرياض منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، معتبرةً أن التغيير في الموقف المصري الأخير حيال الداعم الأول لنظام عبدالفتاح السيسي وهو المملكة العربية السعودية مؤشراً على توتر في العلاقات بين الحليفين.
وقالت الصحيفة الأميركية إنه منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زمام السلطة، والسعودية تُنقذ حليفها الأول في العالم العربي من الانهيار الاقتصادي في العامين المضطربين السابقين، إذ ضخت أكثر من 25 مليار دولار في الاقتصاد المصري المتعثر، في الوقت الذي تقلصت فيه المساعدات من الولايات المتحدة.
وأضافت أن السعوديين اعتقدوا أنهم بذلك يشترون ولاء المصريين. لكن تصويت مصر في الشهر الماضي على قرار الأمم المتحدة وروسيا حول سوريا، هدّد بتوتُّر في العلاقة بين السيسي والرياض.
أيضاً عرجت الصحيفة على قرار الرياض بوقف تصدير المشتقات النفطية للقاهرة عبر شركة أرامكو وذلك بعد مغادرة السفير السعودي في القاهرة أحمد القطان مباشرة إلى بلاده.
السخرية من ثلاجة السيسي
ثم جاءت واقعة أكثر سخونة بين البلدين والتي تسبب فيها الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني، الذي سخر من حديث السيسي في مؤتمر للشباب في مدينة شرم الشيخ الساحلية المصرية والذي قال فيه السيسي إن ثلاجته ظلت 10 سنوات لا يوجد بها إلا الماء فقط، مما أثار سخرية رواد الشبكات الاجتماعية وكذلك المسؤولين السياسيين وأبرزهم مدني في مؤتمر له في تونس. إذ قال إياد مدني موجهاً خطابه للرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، ظن إن ثلاجتكم يوجد بها شيء آخر غير الماء في تهكم على خطاب السيسي مما أثار الغضب الكبير على الوزير السعودي السابق الذي قدم استقالته من منصبه في المنظمة الإسلامية الكبرى مساء الإثنين.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن هناك انهياراً للتحالف بين أكبر دولتين سُنيتين في الشرق الأوسط، وسط تصاعد التوتر الطائفي في المنطقة. ويأتي توقف الدعم السعودي في هذه الآونة الحرجة بالنسبة لمصر، وسط انخفاض قيمة عملة مصر المحلية، مع محاولة الحد من الواردات، وتدهور السياحة والاقتصاد. وتمر السعودية خلال فترة تولي الأمير محمد بن سلمان نيابة ولي العهد بحالة من إثبات السيطرة تحاول فيها السعودية فرض وزنها كقوة إقليمية سنية، محاولة منها لمواجهة إيران الشيعية. وتسببت الأوضاع الجارية في شعور المصريين بحالة من الأسى، بعدما كانوا يعتقدون منذ وقت طويل بأن بلدهم هو زعيم العالم العربي. كما يشعرون أيضاً بالقلق بشأن اعتماد الاقتصاد المصري على السعودية.
ومع ذلك، فإن اعتماد الاقتصاد المصري على السعودية شكّل أهمية كبيرة لمصر، إذ بلغت تلك المساعدات نحو 25 مليار دولار مقابل المساعدات العسكرية السنوية التي تُقدمها واشنطن للقاهرة التي تبلغ 1.3 مليار دولار على مدى سنوات عديدة، وهي جزء من المساعدات التي تلقتها مصر منذ أن وقعت على معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979.
الخلاف في سوريا
ويعود جزءٌ من العداء الأخير إلى الصراع الدموي في سوريا الذي بلغ الآن عامه السادس. وتضغط السعودية منذ فترة طويلة للإطاحة ببشار الأسد المدعوم من إيران، في الوقت الذي يدعم فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرئيس الأسد بشكل غير رسمي.
ويقول محللون إن الخلاف قد تفاقم بين البلدين. وتساءل إسكندر العمارني مدير مشروع شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، على مدونة Arabist الشهيرة: "تقوم العلاقة بين البلدين على نوع من التفاوض السلبي العدواني غير المتكافئ." عملياً، تبدو مصر وكأنها تقول بكل وضوح: "أنا حليف لا يمكن الاعتماد عليه، أتعرض للسخرية من هذا وذاك في كل مكان، لكني أعلم جيداً أن من يسخر مني سيعود ثانية إليَّ، خوفاً من ضعفي أكثر من قوتي. متى سأحصل على شيكات الدعم الجديدة؟".
لكن مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إنه: "لا يتوقع حدوث عواقب وخيمة جراء المناوشات الأخيرة."
وقال: "إن السعودية لن تُوقف تمويل حكومة الرئيس السيسي لأن السعودية تحتاج إلى مصر لمنعها من الدخول في حالة من الفوضى على الحدود مع السعودية. وأشار إلى أن السعودية أودعت مبلغاً بقيمة 2 مليار دولار في البنك المركزي المصري بعد أيام فقط من وقف شحنة النفط الشهر الماضي."
وقال السيد: "تضطر السعودية إلى مواصلة التعاون مع مصر." كما أضاف قائلاً "كل هذه الخلافات لن تتسبب في تفكك العلاقات بين البلدين، لكنها قد تتسبب فقط في توترها."
وقبل أيام أدانت القاهرة في مجلس الأمن إطلاق الحوثيين صاروخاً باليسيتاً تجاه السعودية التي زعمت أن الصاروخ كان موجهاً إلى مكة المكرمة، بينما يزعم الحوثيون أنه كان موجهاً إلى مطار جدة، واعتبرت القاهرة أن هذا عدوانٌ سافر على المملكة الأمر الذي يراه بعض المحليين محاولةً لتهدئة الأجواء بين الدولتين العربيتين الكبيرتين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة