أحداث ومؤشرات/ (15) سنة حسوماً عمر معاناة أهل دارفور من الحرب التي أحدثت تغييرات اجتماعية واقتصادية، كما أخرجت جيلاً من الإلمام بالأعراف الاجتماعية الراسخة، ولكن حكمة الله أن جعل الخير والشر معادلة حياتية، لقوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ، وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ، وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) البقرة، وقوله صلى الله عليه وسلم: (عَجَبًا لأَمْرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ ليسَ ذلكَ لأَحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ). فدارفور المعطاءة بإنسانها العابد الساجد لله الذي لا يعرف السكون، وإنما الحركة والإنتاج، وأرضها التي تنتج كل أنواع المحاصيل الزراعية والبستانية، والغابية، والثروة الحيوانية، ومعادنها النفيسة، ظلت كل الأنشطة الاقتصادية، والمعيشية تدار بتقليدية، حيث لم تكن هناك مصانع كبيرة لتدوير المنتجات المحلية، وتشغيل أبنائها. وفرضت على إنسانها أن يترك الإنتاج لصلاح نفسه وصلاح الوطن ليصبح وقوداً للحرب، ونزوحاً في المعسكرات، وتائهاً هائماً بالمدمنات المسكرات، والسبب سياسات المركز. رغم ذلك الأمل كبير، بل هناك قيم باقية وأحداث لا تتوافق مع الخيال، تدعم هذا الاتجاه شهدتها بمدينة كاس، فعندما ينادي المنادي للصلاة، يترك أصحاب المحال التجارية بالسوق أماكنهم كما هي مفتوحة وبلا حراسة، ويذهبون إلى الصلاة بالمسجد، ولا أحد يتعرض للسلع التي يعرضونها، ولا إلى مخازن نقودهم، لا بالإتلاف ولا بالسرقة، فالأمر مدهش ومثير للتساؤل، لماذا التقاتل وهذه القيمة ما زالت باقية؟ أعتقد أن أناساً هذه سجيتهم حتماً ستكون بوابة العودة إلى الأمن، والإنتاج والعطاء، فقط يجب إحسان الظن، وفعل الخيرات. تلك هي صورة مقطعية لحياة أهل دارفور ومنها يجب أن يتم التشخيص وكتابة روشتة العلاج والمتمثلة في تشييد مشاريع تنموية قومية تستوعب مسرحي الحرب، والتشجيع على الزراعة بدخول استثمارات زراعية كبيرة كما هو موجود في ولايتي نهر النيل والشمالية، والأهم من ذلك هو توفير تسويق للمنتجات وأن لا تترك نهماً للتهريب والنهب المسلح كما كان في السابق، عندها فقط نضمن وقف الحرب وبلا عودة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة