صديقي إبراهيم مصطفى، الصحفي بوكالة يونهاب للأنباء الكورية الجنوبية، كتب لي الرسالة التالية، بعد عتاب لاهتمامنا بالشأن السياسي، أكثر من تناول القضايا الاجتماعية:ــ ( يجري على وسائل التواصل الاجتماعي تداول طرفة تنطوي على شيء ما، تتفرد به دولة معينة حصرياً دون سائر دول العالم الأخرى وعندما يجيء دور السودان تقول الطرفة إن السودان هو البلد الوحيد في العالم الذي يسدد فيه المواطن فاتورة الماء من دون أن تستقبل مواسير بيته “ماء ثجاجا” أو حتى نقطة ماء سوى الشخير. وأجدني هنا أضيف للطرفة حقائق أعايشها عن دولة أعيش في كنفها فأقول، إن كوريا الجنوبية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تخلو مستشفياتها من الطابق الرابع حتى أن مصاعد المستشفيات تخلو من رقم أربعة فالكوريون يتطيرون من الرقم أربعة لأن نطقه يماثل نطق كلمة “الموت” ويعتقدون بأن وجود الطابق الرابع يعني تأشيرة الخروج إلى العالم الآخر ومن عجب أنه حينما تشير عقارب الساعة إلى الرابعة وأربعة وأربعين دقيقة تجد أنفسهم منقبضة ويتوهمون بأن أمراً جللاً سيحدث وما أن تمرّ الدقائق بخير حتى يتنفسون الصعداء بحسبان أن هذا الرقم يحمل ثلاث أربعات!!، وبالنسبة لشقيقتها وعدوّها اللدود كوريا الشمالية، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تقبر أو تحرق جثث رؤسائها الراحلين وإنما يتم الاحتفاظ بجثثهم محنّطة وبكامل هندامهم وزينتهم في مرقدهم في قصر الشمس حتى أنك لو رأيتهم حسبتهم أحياء يغطون في نوم هادئ ترفرف عليهم أحلام تدمير بلاد العم سام بالنووي.. وفيما يلي السودان أجدني أضيف أنه هو البلد الوحيد في الكوكب الأرضي الذي يطبق تأشيرة الخروج ويغيرون الاسم تمويهاً إلى “تصريح السفر” والمعنى واحد، وهو الدولة الوحيدة في العالم التي يكون أهون لمغتربيها استحضار الأرواح أو الجن “الكلكي” من لدن الشماشقة أو الطماطمة من استحضار أبنائهم القُصّر، بمعنى آخر إذا لم تثبت لوزارة الداخلية الفضلى بأنك موافق على زيارة أبنائك القُصّر لك فلن يسمح لهم بالسفر حتى وإن كان ذلك بصحبة والدتهم وحتى إن كانت جوازاتهم تثبت أنهم يأتون إليك سنوياً.. فإذا سلمنا جدلاً أن سفر الأبناء مع والدتهم إن كانت أجنبية لا يجوز إلا بموافقة الأب وذلك درءاً لظاهرة هروب أم أجنبية مع أطفالها، كما حدث في حالات كثر، فعلامَ تطبيق الأمر برمته على أبناء تودّ استحضارهم مع والدتهم إلى حيث تقيم وليس لوجهة أخرى؟! فمع حلول موسم الإجازة المدرسية في السودان وغليان مرجل الشوق والحنين لدى المغتربين لاستقدام أبنائهم لقضاء الإجازة معهم و”بل الشوق”، تأبى وزارتا الداخلية والخارجية الفضليان من خلال منافذهما المختلفة داخلياً وخارجياً إلا أن تضعا من العراقيل وإجراءات أكثر سقماً من مرضى الجذام، ما يعكّر صفو “اللقيا المنتظرة” لتبدأ رحلة الـ “red tape” و”عذبني وتفنن” و”المفتاح عند النجار.. والنجار عاوز فلوس.” فالداخلية تطلب موافقة الأب مختومة من السفارة.. والسفارة بدورها “عاوزة فلوس” لمنحك ختمها على “الموافقة “ ومع كل هذه الثورة المعلوماتية والحكومات الإلكترونية فإن “الموافقة” المختومة من السفارة غير معتمدة “وعاوزة توثيق” لتيمم وجهك شطر نوافذ فتحت للتوثيق في الخارجية لتدفع تارة أخرى بالعملة السودانية أو أن هناك خياراً آخر وهو “العوم عكس التيار” وهو من دون دفع رسوم فتكتب طلباً تعتمده السفارة وترسله للرئاسة التي بدورها ترسله للداخلية وعلى الأبناء القُصّر أو أمّهم أن يهيموا بين أضابير الداخلية للحصول عليه....ثم يأتي آخر المطاف ليقف أبناؤك على باب الجوازات الذي لمْ يكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس لينالوا بعد دفع الرسوم وريقة الخروج التي تؤخذ منهم عند الخروج لتجد طريقها إلى سلة النفايات .. وعند المنتهى يلتئمون معك..ليضيع الكلام وتموت حروف اللقيا قبال تهمسا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة