في ذروة الإنشغال بإنتهاء الحوار وإنتقال الحديث عن مخرجات الحوار ، والناس بين مصدق ومكذب للتصريحات المتناقلة عن المسئولين ، هل ينفذ المؤتمر الوطني هذه المخرجات أم سيكون مصيرها مصير كثير من الوعود قبلها ، والجدل حول هل ستكون الحكومة برئاسة رئيس وزارء ؟ وهل سيكون من المؤتمر الوطني أم سيجود به على واحد من تلك الأحزاب المشاركة في حواره ؟ وهل ستكون الحكومة القادمة حكومة إنتقالية من التكنوقراط أم حكومة كما يسميها المؤتمر الوطني راعي الحوار حكومة " وفاق وطني " ؟ وهل يصح هذا الإسم عليها والمعارضة الأساسية من الأحزاب التي لها وزن جماهيري والحركات المسلحة خارج هذا الوفاق ؟ فالأحزاب الورقية التي لا وجود لها إلا على الورق المرّوس وسجلات مسجل الأحزاب ، والتي تكالبت على الحوار ، لا تمثل 1 . % من الشعب السوداني ، وبالتالي إطلاق إسم " وفاق وطني " لا تنطبق عليها ما لم تشمل القوي التي لم تشارك في الحوار . في غمرة هذه الدوامة إهتبل السيد وزير المالية الفرصة ودعا لمؤتمر صحفي على عجل في وقت متأخر من مساء الخميس ليعلن قراراته الأخيرة ، التي لم يسمع بها بعض الناس إلا صباح الجمعة ، وبعضهم لم يسمع بها إلا بعد ذهابهم السوق ومحطات الوقود ومنافذ توزيع الكهرباء عندما وجدوا التغيير في الأسعار . ويبدو أن تدبير السيد الوزير قد نجح ، فقد ساعد إنشغال الناس بحكاية الحوار ومخرجاته ، واختيار ذلك التوقيت لإعلان القرارات مساء الخميس لتأتي عليها عطلة نهاية الأسبوع الجمعة والسبت فوتت الفرصة لأي تحركات قد تتسبب في إحتجاجات إذا كان اليوم يوم عمل . نلقاها من مين ولا مين : باالطبع وزير المالية لم يتخذ هذه القرارات بمفرده ، فالذي يقف وراء هذه القرارات هو الحزب وبالتالي يتحمل معه المسئولية ، لكن مع ذلك إنصّب كل الغضب عليه ، وقبل أن تهدأ حالة الغليان التي سببتها قراراته ، وجه السيد وزير المالية لطمة أخرى أشد من الأولى ، ولو كان تريث قليلا كان من الممكن أن يجد من يتعاطف معه من قبيل إحقاق الحق بأن المسئولية يتحملها معه آخرين ، لكنه لم يصبر . في هذه المرة لجأ إلي أسلوب طالما أصبح لغة خطاب أصبحت ماركة مسجلة للمسئولين في المؤتمر الوطني وكل من قاربهم ، - فكما يقول المثل من عاشر قوما أربعين يوما صار منهم نشير بذلك إلي ( حديث نائبة رئيس المجلس الوطني عن المعلمين ) - وهو أسلوب يعتمد على الإستخفاف بالعقول حينا ، والإهانة والإساءة ، حينا آخر . ففي تنويره للصحافة بنادي الشرطة قال الوزير إن القرارات الأخيرة كان لابد منها لتفادي إنهيار الاقتصاد وزادنا من الشعر بيت قائلا : إن " إنخفاض " أسعار السلع الإستراتيجية كان سيؤدي إلي تهريبها إلي دول الجوار ! وزاد بأن السودان كان يمد معظم دول الإقليم بالدقيق والسكر والوقود " لرخص " أسعارها ! وأن الأموال " المهدرة " في الدعم سيعاد توجيهها " للشرائح الضعيفة " ! ! كيف ؟ والله هريتوتنا بحكاية الشرائح الضعيفة دي ! وتخيلت أن من عناهم السيد الوزير بالشرائح الضعيفة - وهم طبعا معظم الشعب السوداني – يتلفتون يبحثون عن هذه الشرائح التي يتحدث عنها ،السيد الوزير ورفاقه ، فإذا كانوا هم المعنيين ، فلم تصلهم أي حاجة من الكلام الذي يقوله السيد الوزير ورفاقه المعجبين بمصطلح " الشرائح الضعيفة " ! ! ثم ختم السيد الوزير خطبته بحديث " المقابر " الشهير . بعد ذلك إنهالت على الناس تصريحات كغثاء السيل من كل صوب وحدب ، من وزير الطاقة ووزير الكهرباء والسيد رئيس المجلس الوطني والسيد نائب رئيس المؤتمر الوطني ، والبقية الذين أبو إلا أن يكون لهم عود في هذه المناسبة التي يحاول الكل إظهار مهاراته في إختيار الكلمات المسيئة من ولاة ووزراء دولة وأعضاء المجلس الوطني وهلم جرا .......والناس يسمعون ويقرأون هذه التصريحات وما فاهمين حاجة أحد قادة المؤتمر الوطني قال في وقت سابق إن عضوية حزبه تزيد على العشرة ملايين عضو ، طيب ديل كلهم شاملهم التمكين ؟ ولا ديل هم ذاتهم الشرائح البيقولو أن الدعم سيذهب لهم ؟ لأنو " الشرائح الضعيفة " من عامة الشعب ما شافو حاجة ! ! إلتماس أخير للسيد وزير المالية وكل الوزراء الذين جننونا بحكاية الدعم دي ، والذين يقولون أن وزاراتهم تدعم السلع من كهرباء وتأمين صحي وقمح وبنزين وجازولين وغيرها ، الدعم شلتوه كلو ولا تاني سنسمع الأسطوانة دي ؟ ، بالله شيلو الجنيه ونص الدعم المتبقي بتاع البنزين والعشرة بتاعت أيش مش عارف القلتو فضلت شيلوها عشان نخلص من موال الغم دا ....... دا دبغ مش دعم .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة