الذى ينظر الى وضع السودان الحالى وهو يشاهد ويسمع ويقرأ عن أرضه الخصبة ومياهه العذبة ومناخه المتنوع وثروته الحيوانية الكثيرة والمعادن المتنوعة والثقافات الأفريقية العربية الممتزجة والتعايش السلمى يتخيل بأن ما ذكر فى دولة أخرى أو أنه يقرأ ويسمع عن قصص خيالية أو يشاهد أفلام هندية . إذا كيف نجعل المواطن أولا والمشاهد والسامع والذى يقرأ عن السودان بأن ذلك حقيقة والسبب هو المواطن . لماذا المواطن ؟ الغلاء سببه المواطن والحظر سببه المواطن وإنهيار الإقتصاد سببه المواطن . طيب كيف نتخلص من المواطن الذى سبب كل هذه المشاكل ؟ التخلص منه بتشريده والضغط عليه ورفع الدعم عنه وتقسيمه حزبياً وقبلياً ؟ حتى تحل مشكلة السودان ويعود كما قيل عنه . إذا الحكومة والمعارضة ترى أن هذا المواطن الذى لا يحق له أن يعيش فى دولة ثرواتها وخيراتها كثيرة بفضل الله تعالى لا بدأ من التخلص منه ، لانه سبب كل النكسات التى تمر بها البلاد وعليه أن يتم تشريده للخارج أو الضغط عليه ليصبح عبدا مطاوع أو يقضى عليه أوتفسد أخلاقه . الحكومة تقول جعلت المواطن يعيش فى رفاهية زائدة ونعم ( بكسر النون ) تلك الرفاهية التى يشرب فيها مياه ملوثة وأحيانا معدومة ويأكل وجبة أو نصف وجبة فى اليوم ويئن من الألم ويموت من عدم توفر العلاج ويضيع يومه فى الروتين الوظيفى وإنعدمت أخلاقه وأصبح الفساد شطارة والرشوة تسهيل مهام والواسطة إنهاء معاملات والمرأة ليست عورة ولا حقوق لها وخاصة فى المواصلات . نقول للحكومة إن كانت تلك الرفاهية . إذا المواطن لا يريدها وأفضل له أن يعيش حياته السابقة بكرامة وعزة نفس وهو يأكل ثلاثة وجبات ويضحك من قلبه وجيبه نظيف وأخلاقه عالية وإجتماعياته عامرة . المعارضة تقول الشارع لم يتجاوب معنا وقد إنتظرها الشارع كما وعدته ولم يجدها ، لكنه وجدها فى المؤتمرات تفاوض من أجل مناصبها ووجدها فى الفنادق العالمية تتسول لنفسها وهى تنسى أن شارع خرج من أجلها مرارا وتكرارا حتى فقد فلذات أكباده وهى لم تواسيه ولم تقدم له بئرا ليشرب منها ولا مستشفى ليتعالج فيها ولا مدرسة مجانية ليتعلم فيها الأبناء ولم تقيم له مشروعا يساعد على دعم المواطن ولا مصنعا يبيع بأسعار مخفضة لتساعد فى ضائقته ويترك رفاهية الحكومة . اليوم العالم يعيش فى قرن التكنولوجيا وأكثر الدول عملت على الإستقرار والتنمية وراحة المواطن ورفاهيته وهى لا تمتلك ثروات مثل السودان . أصبح المواطن ينهى خدماته وهو فى منزله على شاشة الكمبيوتر أو الهاتف . المواصلات عندهم ليس ركشات ولا أمجاد ولا صفوف وقود لكنها قطارات المترو وليموزينات حديثة وبصات مكيفة متوفرة على مدار الساعة . لم يعانى مواطن تلك الدول من الماء والكهرباء والغاز ولم يحمل هما فى وجباته حيث أنه من اقرب مطعم أو مركز تجارى يشبع جوعه . الحكومة التى تهدى الى شعوب الدول الأخرى نقول لها إهدى لهذا الشعب حريته أو على الأقل إهدى له الدواء وماء نقى ووفرى له الكهرباء والغاز بمقابل مقدور عليه وأتركى من يزرع يتصرف فى زراعته ومن يصنع يتصرف فى صناعته ومن يعالج المرضى يقدم خدمته بعلمه وخبرته ولا تفرضى على هؤلاء من لا خبرة له لقد فشل بيع الأراضى بتغطية النفقات وإرتفعت أسعارها أكثر من أسعار لندن وطوكيو ونيويورك وفشل تحرير الجنية من الدولار وفشلت الزراعة والصناعة وساءت الخدمات الطبية والتعليم والكهرباء والمواصلات وإنعدم الدواء كلها بسبب السياسات والتخطيط الغير مدروس . أصبحنا نعيش فى القرن العاشر وليس الواحد وعشرون بين دول العالم حتى اصبح العامل البنغالى يشطف أرجل محارمنا وأصبحت بناتنا يُقبلنا الفنانين على خشبة المسرح من غير أن ينكر ذلك علمائنا وإعلامنا وحكومتنا ونقول ماذا أصابنا (إنا لله وإنا اليه راجعون ).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة