ان الرؤية التي ينظر منها البرهان علي الواقع السياسي بالقطع تختلف من رؤية مريم الصادق والسنهوري لان الرجل علي رأس جيش مطلوب منه ان يحارب اذا استمرت سلطة الأحزاب التقليدية عندما تأكد انهم لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا. ولم يدركوا ان اشياء كثيرة قد تغيرت وهو منطق الاشياء بعامل الزمن. فالرجل كقائد الميداني للجيوش السودانية التي حاربت في دارفور ، وجبال النوبة وهو يعلم انه لم ينتصر الا بمساعدة عامل الفتنة التي اوجدها النظام وقتئذ بين ابناء دارفور . الواقع العسكري اليوم يواجه تحديات اكبر مما كانت عليها ،منها وجود جيوش حركات الكفاح ،والدعم السريع، وجيوش الحركة الشعبية وفوق ذلك يدرك الاداء السئ لضباط الصف والجنود في الجيش السوداني في الحروب الاهلية وخاصة في مناطق اهليهم. هذا الي جانب محاولات الاختراق للجيش من الاحزاب التي لا مستقبل لها الا علي ظهر العسكر مثل البعث والشيوعي وغيرها. هذا فضلا عن التحديات الخارجية والتي عمليا هناك جبهه قتال خارجية مفتوحة ،هذا الي جانب تآمر المتوقع من موالي النظام السابق في الوحدات الامنية من الكثرة تكاد تكون كل المنظومة الامنية، من الصعب جدا التخلص منهم او تفادي شرهم في هذه الفترة القصيرة قبل عمليات الاحلال التي تحتاج عدة سنوات. وهي حقيقة التي يجهلها السنهوري وابراهيم الامين وغيرهم عندما يقدمون الدعوة للحركات علي التمرد ومعلنين تحديهم . فامام البرهان تقييم مختلف للوضع السياسي بناء علي قراءته لوضعه العسكري .نعم انه من الجلابة وبالضرورة ان يكون حريص علي استمرار سلطة الجلابة اذا كان في الامكان لانه حارب من اجلها بالضرورة ان يكون حريص اكثر من سنهوري ود الفكي او كما قال . فالرجل فكر حتي في الاحتماء بالجيش المصري من هذه الجيوش ولكن ايقن ذلك يفتح بابا واسعا لتدخل دول اخري . وتؤدي الي فشل الدولة علي يده . وهذا الي جانب الواقع العسكري هناك ململة من عدد من الشعوب السودانية بعودة رموز الفشل الطائفية والاحزاب العقائدية التي قادوا البلاد الي حروب الابادة وتهميش الاقاليم وجهزت تلك الشعوب نفسها في دخول المعترك السياسي من كل الابواب بدون الاذن وان تطلب اللجوء الي العنف مثل الشرق السودان وكردفان الكبري وحتي بدأ الشمال تتململ اقلاه ان تبعد عن نفسها تهمة ظلم السودان بالباطل. فالعسكريون بدأوا ينظرون الي الحكام الجدد الذين انغمسوا في الفساد والتمكين اضافوا علي مخاوفهم من خروج الامور عن السيطرة،وهم الاحزاب لا يستطيعون قراءة المشهد بشكل جيد. ولذلك تطلب البرهان ان يلفت نظر اهله بان الامور لم تعد كما كان ان صيغة الرضا لجميع اهل السودان في امر السلطة اصبح الامر ليس خيارا بل وجوبا والزاما ،لان في عدمه هذا الواقع يتم فرضه ان رضي البرهان ورفاقه في الجيش ام لم يرضوا لان المؤسسة العسكرية التي حاربت في دارفور بمعنويات منهارة الي درجة عجزت عن حماية قاعدتها وقيادتها في الفاشر من قبيلة واحدة تقريبا من جملة اكثر من مائة قبيلة. من المحال تسطيع حماية سلطة مؤتمر الخريجين .اذا انضمت اليها القبائل الاخري والدعم السريع والحركة الشعبية ومعها الشرق بيدها حنجرة السودان . ولذلك خطاب برهان تتضمن شفرة موجهه الي اهله علينا وبل من الافضل ان نعمل الاصلاحات المطلوبة بدلا من ان يتم فرضها بالقوة وهذه الاصلاحات ذكرها في الميثاق التي اعلنها،ولا ينفع معها الاستعانة بالجيش للاستمرار كما كانت في العهد البائد . وهذا التقييم لم يكن من اجتهادات البرهان فقط وبل كل قيادات الجيش التي لا تريد ان تري نفسها مهزومة حتما بسبب قيادات مدنية لا تستطيع ان تقرأ الواقع جيدا ولا يفرقون بين الامس واليوم . هناك من يعتقد بان البرهان وحميدتي يهربون الي الامام بسبب جريمة فض الاعتصام وهذه ليس حقيقة لان بالنسبة لهما ليس هناك جريمة بعد الكفر ولكنهما يعلمان تماما ان تلك الجريمة تطال كثير من اصحاب الخناجر ((كما يقال في النكتة السودانية ان احد الرجال استدان من تاجرة الخمور ولم يسدد الدين وعندها قالت ترد حقي يوم القيامة وضحك الرجل وقال نشوفك لو تقدري تفتحي هذا الموضوع يوم داك )) علي الجلابة افضل يبطلوا الجري في شوارع البري والصحافة والشكوى للمنظمات ويسمعوا جيدا كلام البرهان وما يتوقعوا الخلاص بتمرد الجيش علي البرهان لان هذا قرار الجيش قبل ان يكون قرار البرهان ، وعلي الذين يهتفون في الشوراع عليهم ان يدركوا ان الاصوات والدخاخين والتروس لا يخنق الا الخرطوم ولا يغير في الواقع شئ .بل المطلوب مؤتمر قومي تمهيدي للفترة الانتقالية تعمل مؤسسات تنقل البلاد الي النظام الديموقراطي بشكل محايد وفي وقته .والا القيادات الحالية كل يختار مكتبا مع جيشه في المدن المتمردة وتظل الخرطوم بتروسها متي ما شاءوا ،وترك يساعدهم بالترس الكبير ان كانت هناك جدوي من التروس. ومخطئ من يعتقد ان عمر البشير اسقطته التروس بل انهار من داخل نظامه بضغط من الحركات الكفاح المسلحة ، وهذه حقيقة يعلمها الكل . نعم هذا المصير هو الذي حاول عمر البشير تفاديه عندما ادرك من المحال استمرار سلطة مؤتمر الخريجين من دون اشراك الاخرين بشكل جاد ووقته تآمر عليه البعض وعملوا علي اسقاط حكومته وهم لا يعلموا ان هذه الحقيقة لا يمكن تفاديه بكسب الزمن بحجة الديموقراطية .
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 11/05/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة