المبادئ لا تتجزأ.. السبب في ذلك بسيط جداً، وهو أن المبدأ قضية مطلقة، وبتجزئها تتحول لقضية نسبية قابلة للتفاوض، أي قابلة للإنتقاص أو حتى الإلغاء. نشطاء قحط، لم يثبتوا على مبدأ، فكلما ضغط عليهم العسكر صاحو "دم الشهداء"، فإذا رخى لهم العسكر الحبل، تجاهلوا دم الشهداء. وكأنما دم الشهداء أصبح لباس مومس يخلع للإفضاء ويُلبس عند القضاء. وهذا ما يثير التقزز، عندما يأتنا إبراهيم الشيخ بهذا الحديث الممجوج طاعناً في العسكر وهو شريكهم التجاري. فأي لعبة هذي التي يتم لعبها. لا أعرف بأي لسان يتحدث أحد كفاوات قحط طاعناً في العسكر، وهو المتعاون الأكبر والأول معهم؟ منذ أول يوم قدمنا طعننا الدستوري ضد الوثيقة حتى لا ينال العسكر شرعية، في حين غمس القحاطة أيديهم مع العسكر في الدم، فركبوا الانفنيتي، واشتروا قصورهم في المنشية بل وحتى في كافوري، متمثلين تمكين الكيزان القديم. يصرخون كلما نخسهم العسكر ويهدأون كلما تركوهم، ويرفضون إشراك كل القوى السياسية في الحكم، لأنهم خائفون من وداع المال والسلطة. والحق يقال أن المال والسلطة مغريتان، ولا ألومهم على ذلك، ولكنني ألوم من يدافع عنهم ممن تم شراؤهم بفتات الموائد. وقد قيل في المثل السوداني: (إن سرقت فاسرق جمل، وإن عشقت فاعشق قمر). قبل شهرين دعتني مجموعة (من أصحاب الطموحات الوهمية) للقاء حمدوك. لقد جلسوا معه لتكبير (الرصة)، أي تكبير مؤخرة الجالسين على كراسي المال والسلطة، وقد كذب عليهم حمدوك (او ربما لم يكذب) فوعدهم بتوسعة المائدة، فسال لعابهم. توقف الكثير منهم عن مهاجمة حمدوك. ويبدو أنهم لم يصبروا كثيراً. بالتأكيد رفضت مقابلة حمدوك معهم، ليس لأنني شخصية مهمة، ولا لأنني ثابت على مبادئي (رغم أن هذا صحيح)، لكن لسبب بسيط آخر، وهو أنني لا أريد لا مال ولا سلطة. إن همي الأساسي هو الخروج من هذا المرحاض، إلى دولة محترمة بشعب محترم، وبالتالي أتفرغ للقراءة والكتابة العلمية أولاً والأدبية في أوقات الفراغ. إنني لست رجل المراحيض كهؤلاء. هذه الحكومة الراهنة لا تمثل الثورة، الثورة التي اختطفها تجمع الوهميين العميل والذي لم نتوقف يوماً عن فضحه وكشفه منذ أن طالبناه -بكل براءة- بأن يرشد من خطابه السياسي، ثم رويداً رويداً أدركنا أنه لم تعد هناك ثورة، بل سواقة بالخلا، ولم يصدقنا أحد. وهم بكل ذكاء جعلوا من أنفسهم الثورة وجعلوا من الثورة أنفسهم، فمن هاجم عمالتهم هاجم الثورة (أنا الثورة والثورة أنا). هذا الأسلوب الخبيث لم يفت في عضدنا، فقد اكتشف الشعب كله الحقيقة بعد فوات الأوان. والآن يتم التلاعب بأعصاب الشعب، فيوماً يرفعون من قدر العسكر ويحطون من قدر القحاطة، وفي اليوم الثاني يرفعون من قدر القحاطة ويحطون من قدر العسكر، والشعب تائه لا يعرف الصواب من الخطأ ولا الحقيقة من الزيف، ولا الصدق من الكذب، ولا العميل من الوطني، كل ما حدث -ببساطة شديدة- هو تدمير روح المقاومة في قلب الثوار، وكل هذا تمهيداً لبلوغ نهاية اللعبة كأحد مسرحيات صمويل بيكيت العبثية. إن التلاعب بالشعوب ليست مسألة صعبة، فسايكولوجية الجماهير مثل الكرونا، تنتقل من فرد لآخر لتعم الجماهير. فيكفي ان تلقي الحجر في البركة الخامدة لتتخلق الدوامات الدائرية واحدة بعد أخرى. المهم، لقد انتهى زمن هذه التفاهة، والمسألة تتجه إلى مصبها الأخير، والذي سيكون حاسماً. لتهدأ الأوضاع قليلاً، ويبدأ الشعب في فهم ما وقع فيه من كارثة بشكل أوضح. لكنه سيعصر على قلبه ثاني عطفه، وموئله إلى سواء الجحيم.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 10/15/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة