خمسة ايام في فبراير 2020 ؟ نختزل ادناه احداث خمسة ايام في فبراير 2010 ، احدثت زلزالاً تكتونياً ، لا يزال يفتك بالمشهد السياسي السوداني ، ولم تستطع الوداعية ان تتكهن لنا ، برميات من ودعها كثيرات ، بما سوف تاتي به مستقبل الايام . نختزل في النقاط ادناه احداث هذه الايام الخمس ، ولاحقاً في هذه المقالة والتي تليها تداعياتها ومآلاتها آيات لقوم يتفكرون : واحد: + في يوم الاثنين 3 فبراير2020 ، قابل الرئيس البرهان في عنتبي نتن يا هو ، ولم يحترم نتن يا هو الرئيس البرهان ولا خصوصية اللقاء فافشى سره ، واوقع الرئيس البرهان في حرج مع شعبه وزملاء الكفاح . اتنين : + في يوم الاربعاء 5 فبراير 2020 ، أكد الرئيس البرهان إنه اخطرالرئيس حمدوك بسفره الى عنتبي ومقابلة نتن يا هو ، ولكنه نسي ان يخطر تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير ، وجل من لا ينسى . تلاتة : + في يوم الخميس 6 فبراير 2020 ، اكد الاستاذ فيصل محمد صالح وهو الناطق الرسمي باسم الرئيس حمدوك بان الرئيس البرهان لم يخطر الرئيس حمدوك بعنتبي ، في تدابر راسي لتوكيد البرهان . كما تحفظ الاستاذ فيصل باسم الرئيس حمدوك على انتهاك الرئيس البرهان لبنود الوثيقة الدستورية التي تحتكر السياسة الخارجية لحكومة حمدوك المدنية ، وخشي ان تتكرر هذه الانتهاكات مستقبلاً . غضب الرئيس حمدوك غضبة مضرية ، ولكنه كتم الغيظ يوم الخميس وفشاه يوم الجمعة ... كيتن في البرهان وعشان تاني ؟ قرر الرئيس حمدوك ان يقطع انفه ، لينتقم من وجهه، كما يقول العجم . اربعة : + في يوم الجمعة 7 فبراير2020، سلم المندوب الدائم للسودان لدى الامم المتحدة في نيويورك خطاباً من الرئيس حمدوك للامين العام للامم المتحدة وللسيد مارك بكستين ، رئيس مجلس الامن لفبراير 2020 ومندوب بلجيكا لدى الامم المتحدة . في خطابه طلب الرئيس حمدوك منهما ان تعمل الامم المتحدة ومجلس الامن على إنشاء بعثة سياسية اممية دائمة في السودان ، بدون سقوف زمنية ، وبصلاحيات ( واسعة وماهلة ) تحت الفصل السادس ، الخاص بالنزاعات بين الدول . اقترح الرئيس حمدوك عدداً من المطالب لتكون ضمن مرجعيات عمل البعثة ، اولها حسب ما جاء في خطاب الرئيس حمدوك ... دعم تنفيذ الوثيقة الدستورية... لتضمن البعثة المسنودة من مجلس الامن تحت الفصل السادس ، عدم انتهاك المكون العسكري لبنود الوثيقة الدستورية مستقبلاً ؟ زعم بعض اهل النظر ان الهدف من خطاب الرئيس حمدوك يمكن اختزاله في ثلاث امور ، كلهم من ثمار عنتبي المرة ، كما قال حكيم الأمة : + الامر الاول هوس وهلع واحباط وغضب الرئيس حمدوك من احتكار المكون العسكري في السلطة الانتقالية للسلطة التنفيذية ، كما اكدت عنتبي ، الاحتكار الذي يمنع الكونغرس من رفع اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية التي تحتوي على الدول الراعية للارهاب ، كما اكد اعضاء في الكونغرس بخطاباتهم للرئيس ترامب ، وآخرها خطاب لترامب في يوم الخميس 31 اكتوبر 2019 من اربعة اعضاء في مجلس الشيوخ ، يطلبون من ترامب استعجال تعيين سفير في الخرطوم ليضغط على المكون العسكري في السلطة الانتقالية نفض اياديه تماماً من السلطة التنفيذية لصالح حكومة حمدوك المدنية ... وإلا فلن يوافق الكونغرس على رفع اسم السودان من القائمة الارهابية ، وبالتالي يستمر السودان التمرغ في حفرة البراز او كما قال ترامب . + الامر الثاني ان تتكامل جهود البعثة الاممية ماهلة المرجعيات مع جهود السفير الامريكي في الخرطوم في الضغط على المكون العسكري عدم الكنكشة في السلطة التنفيذية ، وتكون مهامه سيادية ورمزية فقط ، لتجنب تكرار عنتبي مستقبلاً ، ولإرضاء الكونغرس حتى يوافق على رفع اسم السودان من القائمة الارهابية . + الامر الثالث انتقام الرئيس حمدوك من الرئيس البرهان الذي لوث سمعته مع وزرائه ومع رؤسائه في تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير ، وإتهمه بالباطل بانه كان على علم بعنتبي ، وطرش كضبة القرن : Go Ahead. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين . ربما كان طلب الرئيس حمدوك من ثمار عنتبي المرة ... اي رغبة الرئيس حمدوك في تصفير السلطة التنفيذية للمكون العسكري في السلطة الانتقالية . خمسة : + في يوم السبت 8 فبراير 2020 ، قابل الرئيس حمدوك في اديس ابابا الامين العام للامم المتحدة ، ورجاه ان يسرع في تكوين البعثة الاممية في السودان لانها مخرج السودان من الفتيل ، ببساطة لانها الآلية التي تضمن خروج السودان من القائمة الارهابية ، وبالتالي تعافي السودان . قال الامين العام للرئيس حمدوك : سمعنا وأطعنا ، وإن غداً لناظره قريب . دعنا نرى ماذا يعني طلب الرئيس حمدوك وضع السودان تحت الوصاية الدولية بآلية البعثة الاممية الدائمة ماهلة المرجعيات ؟ الوصاية الدولية ؟
في سنة 1945، وبموجب الفصل الثاني عشر من ميثاق الامم المتحدة ، أنشأت الأمم المتحدة نظام الوصاية الدولية ، للإشراف على البلاد التي تطلب الوصاية الدولية ، لاسباب تخصها ، كما يحدث حالياً مع السودان . الوصاية الدولية هي شكل من أشكال الاستعمار، ابتكرته الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية تحت غطاء الأمم المتحدة ليحل مكان نظام الانتداب الذي أسسته عصبة الأمم. تتم ادارة البلد الواقع تحت الوصاية الدولية بواسطة بعثة اممية ذات سلطات واسعة بهدف فض النزاعات سلمياً بين المكونات السياسية داخل البلد المعني وبينه وبين الدول الاخرى . كما تعمل البعثة الاممية على ضمان احترام المواثيق والاتفاقات المبرمة بين المكونات السياسية داخل البلد المعني وبينه وبين الدول الاخرى . وتشرف البعثة على ضمان إستدامة السلام والتقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلد المعني ، وضمان حقوق الاقليات الاثنية والدينية ، والاشراف على التحول الديمقراطي السلس في البلد الواقع تحت الوصاية . الا تذكرك ، يا حبيب ، هذه المرجعيات ، بالمطلوبات التي احتواها خطاب الرئيس حمدوك للامين العام للامم المتحدة ولرئيس مجلس الامن ؟ تم تطبيق نظام الوصاية الدولية على عدد من البلاد العربية والافريقية نذكر منها مثالاً وليس حصراً : ليبيا ، وتوقو ، والكاميرون . في عام 1994 ، قفلت الامم المتحدة ملف الوصاية الدولية ، بعد ان استقلت دولة بالاو آخر دولة تحت الوصاية الدولية ، وصارت العضو ال 185 في الامم المتحدة . هل ينوي الرئيس حمدوك إعادة فتح ملف الوصاية الدولية بخطابه للامين العام للامم المتحدة ولرئيس مجلس الامن ، لانه وكما يقول المثل الامريكاني : إذا مشت كالبطة ، وعوعت كالبطة ... فهي بطة ؟ وخطاب الرئيس حمدوك مشى كبطة الوصاية الدولية ، وعوعو كبطة الوصاية الدولية ... إذن هو بطة الوصاية الدولية ، اي يطلب الوصاية الدولية ، ولو بالمغتغت ؟ دعنا نفترض ، جدلاً ، إن الرئيس حمدوك اقترح البعثة الاممية ليس لوضع السودان تحت الوصاية الدولية ، حاشاه ؛ وإنما لكي تساعد في التاهيل الاقتصادي والمالي والسياسي والانساني للسودان . إن كان ذلك كذلك ، فمجموعة اصدقاء السودان تقوم بهذه المهمة . ودولها ومرجعياتها ومصادرتمويلها هي نفس دول ومرجعيات ومصادر تمويل البعثة الاممية الافتراضية المطلوبة ... الخالق الناطق ؟ ولكن ما هي مجموعة اصدقاء السودان ، يا حبيب ؟ مجموعة «أصدقاء السودان»؟ تضم مجموعة «أصدقاء السودان»، 24 دولة منهم : الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والنرويج، وإثيوبيا، والإمارات، والسعودية، ومصر، وقطر، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي...نفس دول البعثة الاممية التي طلبها الرئيس حمدوك .
تهدف مجموعة ( أصدقاء السودان ) إلى تقديم الدعم الاقتصادي والسياسي والمالي والانساني لحكومة حمدوك الانتقالية ، وبالاخص تمويل ميزانية العام 2020 البالغة 15 مليار دولار، وتمويل حوالي 20 مشروعاً في المجالات الخدمية، وتغذية الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى بنك السودان ... نفس مرجعيات البعثة الاممية اذا افترضنا ان الرئيس طلبها لهذه الاغراض ، وليس لوضع السودان تحت الوصاية الدولية .
في اكتوبر 2019، تم عقد الاجتماع الاول للمجموعة في واشنطون ، بمبادرة من ادارة ترامب .
في ديسمبر 2019 ، تم عقد الاجتماع الثاني للمجموعة في الخرطوم . ( رحبت ) المجموعة بالمشروع الذي قدمه وزير المالية السوداني، للإنعاش الاقتصادي والتنمية في الفترة من 2020 إلى 2022.
نهاية فبراير 2020 ، سوف يتم عقد الاجتماع الثالث للمجموعة في السويد ، يليه اجتماع تحضيري في مارس2020 في باريس ، قبل انعقاد مؤتمر المانحين للمجموعة في أبريل 2020 في واشنطون ، حيث يتم الاعلان عن التبرعات لدعم خطط حكومة حمدوك للاصلاح الاقتصادي والمالي والسياسي والانساني.
اما كان الاجدر بالرئيس حمدوك انتظار ما يسفر عنه اجتماع المانحين لمجموعة اصدقاء السودان في ابريل 2020 في واشنطون ، قبل ان يرسل خطابه للامين العام للامم المتحدة ولرئيس مجلس الامن ... اذا كان الغرض من خطابه دعوة الامم المتحدة تقديم الدعم الاقتصادي والسياسي للسودان ؟
ونزيدك كيل بعير :
في يوم الاحد 1مارس 2020 سوف يتم عقد منتدى الرياض الدولي الإنساني الثاني ، وسوف تقدم بعثة الامم المتحدة المتواجدة حالياً في الخرطوم ملفاً يحتوي على عدة مشاريع انسانية وخدمية في السودان ، لينظر المنتدى في امكانية تمويلها . إذن ما الحاجة لبعثة اممية جديدة ، ما دام البعثة الموجودة حاليا في السودان تقوم بالمهام الاقتصادية والانسانية المطلوبة ... هذا على افتراض ان خطاب الرئيس حمدوك للامم المتحدة يوم الجمعة 7 فبراير 2020 ،لم يكن لوضع السودان تحت الوصاية الدولية ، وكان لاهداف اقتصادية وانسانية .
ولكن يظهر ان الهدف من خطاب الرئيس حمدوك للامم المتحدة انشاء بعثة أممية بسلطات تنفيذية واسعة ( حكومة اممية موازية ) ، ومدى زمني مفتوح تحت الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة ... كان لوضع السودان تحت الوصاية الدولية بالمغتغت ، لتحقيق عدة اهداف ، نذكر منها خمسة ادناه ، مثالاً وليس حصراً : واحد :
+ احتكار حكومة حمدوك للسلطة التنفيذية ، وتوكيد رمزية المكون العسكري .
اتنين :
+ تجنب حدوث عنتبي ثانية ، وإحتواء تداعياتها ، كونها طُبخت لتضمن اعادة انتخاب ترامب ونتن يا هو ... وبس ؟
تلاتة :
+ تجنب قيام الرئيس البرهان بانقلاب عسكري ضد حكومة حمدوك المدنية ، تحت ضغوط المحور الثلاثي السعودي- الاماراتي – المصري ؟
اربعة :
+ ضمان تسليم الرئيس البرهان رئاسة المجلس السيادي الانتقالي لعضو او عضوة من المكون المدني في نهاية الفترة الاولى بعد 21 شهراً .
خمسة :
+ توصيل الكونغرس الكضاب للباب، وضمان عدم خرخرته ، والضغط عليه لرفع اسم السودان من القائمة الارهابية بعد فك كنكشة المكون العسكري في السلطة التنفيذية ، وكان هذا هو شرط الكونغرس الحصري لهكذا رفع .
في هذا السياق، قالت كارين باس عضو الكونغرس ، والتي زارت السودان في يوم الخميس 23 يناير 2020 ، ان رسالة الرئيس حمدوك للامم المتحدة تتكامل مع هدف الكونغرس ، وتتعارض مع خطط ادارة ترامب التي قلبت هوبة وصارت تدعم المكون العسكري، بعد عنتبي ، لضمان اعادة انتخاب ترامب ونتن يا هو . قالت كارين وهي ادرى : راقب البروف عائشة موسى السعيد ، فسوف تخرج العصفورة من طرف توبها في مقبل الايام . واخيراً ماذا يقول البند السادس من ميثاق الامم المتحده الذي طلب الرئيس حمدوك تكوين البعثة الاممية في إطاره ؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة