هل بالفعل يمكن إعتبار القادة السياسيين التاريخيين الذين تداولوا أمر إدارة البلاد منذ الإستقلال وحتى اليوم ، أياً كانوا حاكمين أومعارضين ، مسئولين عن تكوين أخلاقيات جديدة إيجابية أوسلبية إكتسبها عامة الناس أوالمجتمع ، وذلك من منطلق نظرية (القدوة والمثلُ الأعلى) ؟ ، إن سلَّمنا بذلك مبدئياً فإن مسارات الأحداث التاريخية وما تم تأسيسه من أدبيات في مجالات عدة في نطاق الممارسة الفعلية للحراك السياسي العام ومجريات التوثيق والخطاب السياسي العام بلا شك ولا جدال قد تعمَّقت في صُلب ما تحتويه حِزمة الأخلاقيات الجديدة التي تفشَّت في المجتمع على شتى إتجاهاته وتخصصاته ، وللحقيقة فإن طبيعة الأشياء ونواميس الكون تثبت ذلك عبر التجارب الإنسانية المتواترة أو ما يمكن تحسسه في الواقع عبر النظر والسمع والإحتكاك اليومي بمجريات الحياة الروتينية التي يتعرض لها كل منا يومياً في أيما زمان ومكان ، وقد قال قدمائنا على سبيل الحكمة (إذا كان ربُ الدار للدُفِ ضارباً فشيمةُ أهل البيت اللهو والرقصُ ) ، وما يناقض ذلك بلا شك صحيح ويمكننا تأليفه هكذا (إذا كان ربُ الدار للحق باسطاً فشيمة أهل البيت الأخلاقُ والقيِّمُ) ، نعم هناك شريحة من الناس يمكن نعتها بالإستنارة المحدودة وهي ليست مرتبطة بمستوى التعليم ولا نوعه بقدر ما هي مرتبطة بالإستعداد الشخصي والفطري لإنسان ما أن يكون متأثِراً بمن حوله أكثر من كونه (مؤثِّر) ، و إذا إستثنينا من رحمهم ربي من المستنيرين كُلياً بالقدر الذي يدفعهم إلى التمسك بمبادئهم وأخلاقهم بعيداً عن التأثر بمبدأ (القُدوة والمثل) ، فإن مُجمل الناس بحكم طبيعة الأشياء والتي من حتمياتها وجود (قائد و مُقتاد) حتى يستقيم أمرالنظام والقانون في المجتمع ، فإن المُتأثرين سيظلوا (مضطرين) لمحاكاة ما ساد من فضائل أو رذائل تم نشرها عبر مَن قيَّض الله لهم أمر الوجود على سُدة القيادة في كافة مستوياتها ليكونوا قدوة ومثالاً يحتذي بها الآخرين ، أما زماننا هذا بكل إنفلاتاته الأخلاقية والقيِّمية فقد أشار وأثبت عبر الكثير من المعايير أنه زمان الفوضى وإنهزام المُثل وإنتصار الرذائل ، فعامة الناس الآن لا تلتفت إلى المكونات (الإخلاقية) للإنجازات والأفعال التي تترى أمامها ، وذلك إنطلاقاً من سمات هذا الزمان ، الفساد الإداري والمالي والثراء الحرام الذي أصبح لا يُلفت إنتباه أحد ولا يبعث الإستهجان في النفوس كما كان في زمانٍ سبق ، المحسوبية والتطاول بالباطل في الإستحواذ على المناصب والمخصصات والمُتع من مال الكادحين ، وتفاقم حالة الإنفصام الطبقي وتفشي الفقر والمرض والتخوين وإنعدام الثقة بين الفرقاء في كل مجال ، فضلاً عن إنعدام الوازع الديني والأخلاقي في ما طفا على سطح المجتمع من رذائل وفضائح أخلاقية وصلت حد قيام هيئات مجتمعية تنشط في مجال مكافحة ظاهرة إغتصاب الأطفال ، هذا غير ما أصبحت عليه حركة العمل السياسي وأدبيات خطابه من سلبيات قيِّمية أهمها الإحتيال والكذب والنفاق وخيانة العهود و الذمم ، فعلاً ما يتم تداوله على المستويات العُليا لنجوم و مشاهير العمل السياسي والإداري والمجتمعي من أخلاقيات وقيِّم وأدبيات قادر وفي زمنٍ وجيزعلى التأثير المباشر وغير المباشر على حالة التعاملات والتدابير والاخلاقيات والعواطف السارية في ضمير الأمة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة