في لغة لم تخلُ من رَوْغ وزوْغ أجابت الأستاذة أسماء محمود محمد طه عن أسئلة الأستاذ الصحفي الأستاذ ضياء الدين بلال بما أفاد أن أباها لم يكن يؤدي الصلوات الخمس المعروفة. وقد سألها الأستاذ ضياء قائلا:" هل صحيح أن والدك كان لا يؤدى العبادات الشرعية من صيام، وصلاة، وحج؟ فأجابت بكلام متنطع متقطع قائلة:" دا كلام فارغ"! ثم استطردت في جوابها قائلة:" الأستاذ له كتاب بعنوان (كيف تصلون؟) يتهم فيه المسلمون (تقصد المسلمين!) بأنهم لا يصلون رغم أنهم يملأون المساجد، ولكن صلاتهم هذه لا تنهيهم (تقصد لا تنهاهم!) عن الكذب والنفاق والفحشاء والمنكر و...". وإذن فقد نصب الأستاذ محمود محمد طه نفسه - حسب إفادة ابنته هذه - من أجل التفتيش في ضمائر المصلين في المساجد التي لا يدخلها ولم يره أحد فيها لا في جمعة ولا جماعة. وقد ظل يتتبع مسالكهم ويفحص مفاعلهم. ثم انتهى من بحثه وتفتيشه في ضمائر الناس وسرائرهم إلى أنهم في أغلبيتهم الساحقة كذابون، منافقون، فعالون للمفاحش والمناكر. واستدل من هذا على أن صلاتهم ذي ما نافعة! وقد انساق الضال المضل محمود في فهمه هذا المتطرف مع معنى الحديث الضعيف:" من لم تنه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا". وهو الحديث الذي قال عنه علي بن الحسين بن الجنيد:" هذا حديثٌ كذبٍ وزورٍ". وقال الإمام ابن حجر عن راويه إنه: ليِّن الحديث. وحتى لو صحَّ هذا القول فإنه قد يُؤوَل ويُحمل على الصلاة الكاملة الشروط والأركان، والتامة الواجبات، مع الخشوع المخبت، وتجريد النية والبعد عن الرياء. وعلى الصلاة التي تؤدى في أوقاتها في الجماعات، وتقام على حسب مقتضى الاتباع الكامل لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وفق أمره الذي رواه البخاري:" صلوا ما رأيتموني أصلي". وبالطبع فليس كل المسلمين يؤدون صلواتهم كاملة على هذا النحو النبوي العظيم. ومن منحى آخر فلا يمكن أن يَستدل أحد على أن ارتكاب المصلي لبعض المخالفات - ولو كانت من قبيل الكبائر - مما يهدر صلاته ويبطلها، ويجعلها مما يزيد عن الله تعالى بعدا! فالمسلم ليس معصوما بصورة مطلقة من ارتكاب الخطايا؛ فهو يصلي ويخطئ، ويصوم ويخطئ، ويحج ويخطئ، ولكل عمل من أعماله هذه حسابه الخاص. وحتى لو لم يؤد الإنسان الصلاة كاملة، أي أنه إذا أقام شروطها وواجباتها، وقصَّر في بعض سننها ونوافلها، فإن هذا لا يبطل صلاته، ولكنه يقلل فقط من أجرها ومن أثرها الروحي والتوجيهي عليه. وأحيانا يؤدى الإنسان الصلاة وهو غافل القلب أو مشغول الخاطر بهموم المعاش؛ فهذه الصلاة قد لا ينال المصلي إلا العُشر من أجرها وحسب. وهي نوع الصلاة التي قال عنها الإمام ابن تيمية الحراني:" هذه الصلاة إن كفَّرت نفسها فبها ونِعْمت"! وقد كان الإمام الصالح ابن تيمية يشير بهذا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مما رواه مسلم:" والصلوات الخمس كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". ولم يذهب ابن تيمية كما هو واضح من قوله إلى اتجاه المعنى الظاهري للأثر المروي بأن الصلاة على هذا النحو تبعد صاحبها عن الله تعالى، وإنما قال إنها قد تكون كفارة للخطأ المرتكب فيها. وفي العصر الحديث قال الإمام عبد العزيز بن باز إن هذا الحديث:" موقوف من كلام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ولا أعلم صحته مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من باب الوعيد. فالواجب على المؤمن أن يحذر الفحشاء والمنكر، وأن يستقيم على طاعة الله ورسوله، وأن تكون صلاته تنهاه عن هذا الشيء كما قال جل وعلا:(إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) فالواجب على المسلم أن يعالج وضعه، وأن يجتهد في التوبة إلى الله من معاصيه، فإذا كان يصلي ومع هذا مقيم على المعاصي، فهذا معناه أنه لم يؤد الصلاة كما ينبغي، ولم يقمها كما ينبغي؛ فلو أقامها كما ينبغي لنهته عن الفحشاء والمنكر". ومرة أخرى لم يقل الإمام الحكيم بن باز إن الصلاة تبطل مع مقارفة صاحبها للمعاصي، وإنما ارتجى أن تنهى صاحبها إن أكمل شروطها وأركانها وسننها ونوافلها وخشوعها عن ارتكاب المعاصي. وهكذا يتضح لنا عمق وشفافية علم الأئمة السلفيين الورعين الحصيفين المهتدين. كما يبدو لنا من طرف آخر بعد الدجال محمود محمد طه عن أفق الأئمة المحتسبين الأطهار الأبرار كابن تيمية وابن باز. ويتأكد لنا جهله وتسرعه وعاميته في فهم الأثر المروي وخطل استنباطه منه. ولا غرو فهو رجل - باعترافه - لم يقرأ شيئا من كتب الفقه له ولا باع له في علم الحديث. ولذلك لم يعلم أن سند الحديث معلول. وأن متنه معضول حتى لو صح منه السند. واندفع بجهله ودجله ينظِّر تنظيرا هوائيا قد يُعجِب الجهال الذين يغرر بهم من أتباعه ومنهم ابنته التي روت عنه هذا الفهم المنحرف. وربما تعلمت أسماء خلق المراوغة والمزاوغة من أبيها، ولذلك فعندما سألها الأستاذ ضياء عن حج أبيها قائلا:" هل ذهب الى الحج"؟ أجابت بالنفي ثم أسرعت وعللت ذلك بأنه ربما مرتبطا بالاستطاعة! ولكن الأستاذ عاد وسألها:" هل كان ذلك مترتبا على موقف فقهى أم عن عدم استطاعة"؟ وعاد إلى استدراجها إلى ما قد يكون هو السبب الحقيقي وراء امتناع أبيها عن أداء العبادات والطاعات، فقال:" هو له موقف فكرى اتجاه الدعوة لكل العبادات، فهو يرى أن العبد يترقى بهذه العبادات إلى مراقٍ يصبح فيها على علاقة خاصة بالله، هل تسقط العبادات حينها؟ فأجابت أسماء في التواء وزيغ قائلة:" يسقط التقليد ولكن لا تسقط العبادات"! ولكن الأستاذ كرَّ عليها بسؤال حجزها في قلب الموضوع الذي تروغ منه وتحاول أن تزوغ عنه فقال:" العبادات كأداء هل تسقط مع ذلك الترقي"؟ وأجابت بمزيد من الروْغ والزوْغ قائلة:" الأستاذ لم يكن يصلى مثل صلاتنا دي لكنو كان بصلى". فسألها مستوضحا: كان يصلى مثل من؟ فأجابت: لم يكن يصلى الخمس أوقات". وطلبت منه أن يرجع الى كتاب (رسالة الصلاة) قائلة إن هذا أمر كان يخصُّ الأستاذ وحده! وعاد الأستاذ ضياء ليستبين جلية الأمر بسؤال محدد النطاق قائلا: كم كان يصلى من الخمسة أوقات؟ وأجابت أسماء في مزيد من الاسترسال والاستبهام قائلة:" هو كان يصلى أكثر من الخمسة أوقات، لأن نفسه الصاعد والهابط كان صلاة، وهو يرى أن العبادة يجب أن تكون أسلوبا للحياة تجلب الخير للناس وتمنع عنهم الشر". ثم سألها الأستاذ إن كان أبوها يصوم شهر رمضان كالمسلمين، فأجابت:" كل عباداته كانت خاصة به لأنه أصيل فيها، ثم طلبت من سائلها أن يرجع إلى ما كتب أبوها في هذا الموضوع بالتفصيل. ثم لم يكن بدٌّ من أن يدفع السائل بسؤال عن هذه الأصالة المدعاة، وهل هي حكر على أبيها وحده، أم أنها مباحة لغيره من المسلمين، ومباحة كذلك للجمهوريين، وقد جاء في سؤاله: هل هنالك من الجمهوريين من وصل ذلك المقام؟ فأجابت أسماء بالنفي، ثم سكتت لهنيهة، ثم قالت:" هذا على حسب علمي"! ودلت بذلك على أن علمها قاصر. أو أنها كاذبة، وهذا هو الأحرى والأرجح. فهي تعلم يقينا وبقية القطيع الجمهوري يعلم يقينا خبر زميلهم القديم المدعو محمد خير علي محيسي. وهورجل بلغ به الادعاء إلى حد منازعة محمود في درجة الأصالة والوصول المدعاة. وقد استتبع ذلك الزعم بأن الصلاة تسقط عنه أيضا. وقد التقيت بهذا المغرور الضال في الزمن الخالي إذ طلب إلينا ونحن بجامعة أم درمان الإسلامية أن نقدمه ليلقي علينا محاضرة بدار اتحاد الطلاب فرفضنا طلبه. وقد استمعت إليه بعد ذلك يحاضر بجامعة الخرطوم مرددا ضلالاته ومنددا بشيخه الذي جرده من دعوى الأصالة والوصول. ومن دعوى التخلي عن الصلاة!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة