الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب.. أدى اليمين الدستورية أمس الأول في يوم تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.. وضع يده اليسرى على "الإنجيل" ورفع يده اليمنى، ثم ردد النص خلف أحد القساوسة.. (أقسم بأن أخلص في أداء عملي رئيساً للولايات المتحدة، وأفعل كل ما يمكنني فعله للحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه، فلتساعدني يا الله".) علاوة على كل الطقوس (الدينية!) التي كانت محور عملية (تنصيب) الرئيس الأمريكي.. فإن الملفت للنظر الدعاء المشفع لله تعالى أن يساعده في تأدية مهامه الرئاسية، وحفظ الدستور. ابنة ترمب "ايفانكا"، وزوجها اليهودي اتصلا بالحاخام، وطلبا إذناً خاصاً لاستخدام السيارة يوم السبت.. يوم التنصيب. هنا في السودان واحدة من تابوهات السياسة متلازمة (علمانية) في مقابل (إسلامية).. للدرجة التي جعلت البعض يفترض أن واحداً من اشتراطات حل الأزمة السودانية الإجابة عن (سؤال الدين والدولة). حسناً.. أين (السؤال)؟، بل ما هو (الدين) وما هي (الدولة)؟. بكل يقين هذا (السؤال) هو واحد من أساطير هذا الزمان.. سؤال شبحي.. يفسر حالة مواجهة سياسية بين كتلتين تتلبسان بفكرة هلامية غير موجودة في واقع الحياة. الرسول- صلى الله عليه وسلم- منذ أن بدأ حياته العامة العملية، وقبل أن تأتيه الرسالة كان يحترف التجارة العابرة للحدود وللأديان.. بتقاليدها المتداولة- آنذاك- وشروط تعاقداتها ومعاملاتها.. وبعد الرسالة ظلت قوافل المسلمين على ذات العهود والعقود.. وتطورت إلى عهود وعقود اجتماعية وسياسية بل وتحالفات عسكرية، فضمت دولة (المدينة المنورة) بين جنباتها المسيحيين واليهود وما دون ذلك أيضاً.. بلا أدنى تناقض أو نقصان في الحقوق.. وتمددت الصلات الاجتماعية بالزيجات المختلطة. في كل هذا السياق، لم يكن (الدين) عنصر تفرقة (إنساني)!.. بل ظل مصدر إلهام جمع إنساني، وانحصر الإيمان الشخصي في مهمة التمييز بين الخير والشر، وتأسيس حياة خاصة وعامة قائمة على القيم الأخلاقية.. وتعريف الدولة أنها (منظومة القيم التي تحكم الأمة الواحدة أو المتعددة). فما الدين إذاً؟، هو- أيضاً- منظومة قيم أخلاقية.. فيصبح السؤال.. (سؤال الدين والدولة) مجرد تلاعب بالمفردات.. ما دام أن المفردتين تنتهيان إلى مشترك واحد هو (القيم الأخلاقية). تختلف مرجعيات الأديان لكن تحتفظ بكونها ترتبط بالقيم الأخلاقية حتماً.. فالقرآن الكريم أمر سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- أن يقول لـ (الكافرين).. (لكم دينكم.. ولي دين).. فرغم أنهم كفار إلا إن القرآن منح ما يعتنقونه صفة (دين).. في الآية (لكم دينكم...)!. ليس هناك معنى فني محدد لكلمة (علمانية).. فهي مجرد مفردة "تأريخية" استخدمت (علامة تجارية) لمنظومة في مواجهة مع أخرى ادّعت لنفسها (العلامة التجارية) للدين- أيضاً- في سياق ذات المواجهة والحرب.. وكما انزوت عن عالمنا مفردات من مثل الحرب الباردة، المعسكر الشرقي في مقابل الغربي، والرجعية، والإمبريالية فإن كلمة "علمانية" فقدت ضياءها الذاتي؛ لتصبح مجرد انعكاس حال تأريخي من الماضي. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة