لأمثالي من المتفائلين و الذين ما زالت تشغل أفكارهم حصول هذا الشعب و هذه البلاد على وضع سياسي يمكِّنها من الإستفادة من موجوداتها و ثرواتها المادية والفكرية ، و ذلك عبر تغيير في نظام الحكم لصالح ديموقراطية حقيقية يستطيع الناس من خلالها إختيار من يحكمون ، ثم يستطيعون ( التراجع ) عبر دورة إنتخابية أخرى عن خياراتهم بما يفيد ( التجريب ) المفيد ، و الذي بإذن الله لن تكون ثمراته سوى الوصول إلى الأهداف التنموية عبر التراضي و القبول بالآخر و فكره مهما كانت درجات الإختلاف و مستوى حساسيتها ، وما يقلقني أن معظم التصورات التقليدية للتغيير في إذهان العامة وكذلك المؤسسات الحزبية والسياسية المعارضة لا تخرج عن نطاق سيناريو الإبدال على المستوى السياسي بدءاً من القيادة العليا و نهاية ( متواضعة ) بالوزراء إضافةً للمناصب المتعلقة بحكم و إدارة الولايات ، ولكن المعضلة الكبرى تكمن في ما يمكن عمله من تفكيك قبضة نظام الإنقاذ داخل الخدمة المدنية و معظم بل جميع الهيئات والمؤسسات وبعض المنظمات التي تقع تحت دائرة العمل العمومي ، فهي ستظل صلدة و عصية في مواجهة التغيير لأنها بُنيت على مدىً طويل من السنوات ، فضلاً عن كونها ظلت منذ أمدٍ بعيد وحتى الآن غير مفصولة ، بمعنى أنها فاعلة على المستويين التنظيمي والمهني بالقدر الذي يجعل موضوع تفكيكها واقع في محك المخاطرة بالمصلحة العامة نتاج ما يمكن أن يحدث من فراغ إداري و أحياناً فني إذا ما تم التفكيك فجائياً و متسارعاً ، كما أن تداخل الهيكل التنظيمي لحزب المؤتمر الوطني مع حركة توزيع المناصب الفاعلة في الخدمة المدنية سيكون مستعصياً على المعالجة ( العادية ) عبر إعتبارات الهياكل الإدارية و ما يتبعها من لوائح الخدمة المدنية ، وبذلك تكون ثمرات ( التمكين ) السياسي في الخدمة المدنية ( خازوقاً ) قابعاً في بؤرة مصالح تسيير الدولة ومؤسساتها التنموية الحساسة ، فهو أي ( التمكين ) كان في السابق قد أقعد الكثير من المؤسسات خصوصاً ذات الصبغة الفنية نتيجة لتشريد الخبرات الأصلية و تنصيب أصحاب الولاء السياسي دون كفاءة ، فضاع بذلك مشروع الجزيرة وسودانير والخطوط البحرية السودانية والسكك الحديدية ومحالج و مصانع الأقطان و الكثير الكثير من المؤسسات والمشاريع ، كما أن التمكين في الخدمة المدنية أضر كثيراً بمسيرة الحركة النقابية على المستوى العام و بكافة إنتماءاتها المهنية بالقدر الذي جعل المجالس النقابية مجرد توابع و أبواق لا تحمل سوى هموم التنظيم السياسي و تبعات توجهاته المختلفة و المتناقضة من حين لآخر ، هل عكف المنادون بالتغيير المأمول يوماً على وضع تصور منطقي و فعَّال يوصف وصفاً دقيقاً البرنامج النظري و الفعلي لتحقيق غاية إعادة العدالة في توزيع الفرص داخل الخدمة المدنية ، وماذا عن التعويضات المستحقة لمن تم تشريدهم وفق قانون الصالح العام ، ثم ماهي الآليات المقترحة والجهات التي ستكون مسئولة عن تفكيك الخدمة المدنية و فصل التداخل مابين قوى التفعيل التنظيمي و لوائح العمل المهني على المستويين الإداري و الفني ؟؟؟ سؤال ضخم و كبير جداً .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة