– الرياض 3 أكتوبر 2009م أحبَّتِي الكرام... سأتكلَّم عن هذا التُراث الفلكلوري كظاهرة إجتماعية جميلة كانت موجودة في مناطقنا... بعيداً عن رأي الدين فيها شنو... عشان ما يجيني واحد متْنَطِّع يقول لي الحكايي دي حرام وبدعة و"شيخ الظهر" فعلتو وتركتو!!! مدخل أوَّل.. الدواعِي والمُسبِّبَات... إلتقيت أحد أطباء النفس وسألته عن حالة الزار والوضع النفسي فيه... وليش كان زمان حالات الميدان "إسم الزار المشهور عندنا هناك وأيضاً يُقال له الظَهَرْ" كثيرة والآن قلَّت... فقام قال لي تحليل عجيب خلاااااااااس... وربط لي الحكاية بالوضع الإقتصادي والإجتماعي وبالتالي السياسي الحاصل في البلد ... تحليل الطبيب النفس جاء كما يلي: قال لي يا جمال زمان الحكايي كانت مَبَحْبِحِي (ودا المحور الإقتصادي في الشغلانيي)... البقَر تحلِب مع الضان... والشِدَرْ يقْنِتْ بُرتَكانْ.. والتمُر لامِنُّو كِيمَانْ... أها كان في بعض الرجال يحبُّو يتزوَّجوا فوق حريمُن (ودا وضع إجتماعي بحت)... وطبعاً زي مُو معرُوف حالات الزار كانت منتشرة في العنصر النسائي أكتر... فتقوم الواحدة منَّهِن أوَّل ما تحِس زوجها القروش جرَت في إيدُو ونوى على العِرِس فوقها... تِدَّعي المرض وبما أنه ليس هناك مرض من أساسُو... فيقول الحُكماء "الأطباء" لزوجها الوليِّي دي علاجها مُو عندنا... شوف ليها شيخ ظَهَر!!! فالراجل دربُو عديييييييييل علي سعيد ود ماهل (كمثال يعني فشيوخ الزار كُثُر بالمنطقة) ودا حسب معرفتنا بشيوخ الزار يُعتبر شيخ شيوخ الزار في منطقة الشايقية... وكتعريف بهذا الرجل العظيم، هو سعيد ود ماهل كان في منطقة المقل بحي (الكوانجي) بيتُو أول ما تدخل للكوانجي بعد خور الحسن بالشارع الفوق يجيك علي يمينك لا فوق من بيوت ناس الجعيلي وجنب ناس علي كسبة... وعاش آخر حياته بأُمبدة الرابعة... وانتقل في العام الماضي إلى رحمة الله... نسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويكرم نزله ويسكنه الجنة مع الأبرار... مدخل ثاني: مع شيخ الزار... بعد ذهاب الرجل مع زوجته إلى شيخ الزار ومن شيوخ الظهر المشهورين في ذلك الوقت (سعيد ود ماهل في المقل، ود المُبارك شيخ الظهر في النافعاب، ود الباشا في الزومة وشيخ الهادي في القرير) يقرر لها العلاج سبعة ليالي... وتأتي مسألة الطلبات... تهِد جيب الراجل الزاغَت عِوِينَاتُو كيْتاً فيهو وتعلِّمُو الله من الملِّينِي اليجيب بيها ضرَّة فوقها!!! ونحن طبعاً شاهدنا وشفنا الحكاية دي يا الدكتور النفساني... بالجد الطربيزة التلقاها في "الكِيمِي" حقَّتْ الحضرة (محل دَقُّ الميدان) فيها مما تشتهي الأنفس... وطبعاً أي طلبات مُجابة حلالي... ودي يسمُّوها طلبات وِلاَدْ مَامَا... يعني أي شي ناقص فيها معناهُو العلاج ناقص وربما تكون النكسة أصعب من الأول...
يواصل الدكتور النفسي حديثو... أها بعد الراجل جيبُو ما اتمصَّر وبعد شويِّي كلما يكون في ميدان في محل الوليِّي شايْلِي شنطتها وماشي تحضر... ويوم الختمة ونزول البحر من العصر البدراني وكلما ما ينرفِزَها تقوم تهيج فوقُو ومرات مرات تطلب حاجات لي ولاد ماما... يعني مثلاً زي الفُوقها النصارى تطلب سجاير البنسون "تخيَّلو" لا البرنجي ولا أبو نخلة ينفعوا مع النصارى... أها صاحبنا دا لمن الطلبات دي تقع فوقُو وفوق كدي المرقات والحرية التي نالتها زوجته بدعم ومُساندة أولاد ماما... تطيرلُو العرسة لا جنا الجنا ما يفكِّر فيها... ولسان حالُو يقول هُو دي وااااااااااحدي ساوِّي السُوَة دي كلها إتنين يمُرقِن راسي دا!!! مدخل ثالث.. حلقات المِيدَان... قبل الدخول في حلقات الزار وأهازيجه التي تُعرف (بالخِيُوتْ)... نلقي نظرة سريعة على مغنيي (دَقَّاقِي) الزار... ففي العادة كان لكل شيخ زار عدد من الدَقَّاقين... ولكن حسب ما أعرفه أن سعيد ود ماهل كان يقوم بالعمليتِين مع بعض الشياخة ودق الزار... بس ما عارف السر في الحكاية دي شنو؟؟؟ وإن لم تخني الذاكرة فقد كانت الحاجة نفيسة "من الزومة" تدُق لي ود الباشا وود العليقي.. وهناك عبد القادر من الكرو وكان ملازماً دوماً لشيخ الهادي "القرير" وتشاركه أيضاً حاجة "النعمة" من القرير... فقد رأيتها كثيراً في المقل ولها صوت جهوري يُسمع الفي بلد بي تِحِت... وإن كانت تختلف عن عبد القادر فيمتاز الأخير بصوت رخيم وقُدرة فائقة على إرضاء طلبات أولاد ماما من قِبَل المكَرِّمات "وهُنَّ المسبِّعات أي العَمَلَنْ حلقة زار سبعة أيام" ويحق لهن الرقص واقفات "يعني علي كِيفِن" عكس الما مسبعات فكُن يرقصن قعوداً "يعني بي هوزيز راسِن بس"!!!... كانت أيام جميلة وسيظل حكيها أحلى وذكرياتها أجمل... طبعاً لكل واحدة من الحريم المسبِّعَات ديل مزاج عام... فمثلاً: - واحدات فُوقِن النصَارَى ومن أمثلة خِيُوتِن... سبعة مراكِبْ كُلَّهِن نَصَارَى شرابُن البيرَا والسيجَارة... وكأني شايِفِن قدَّامِي هسع الواحدي لابسي برنِيطَة حمراء وتجَبِّدْ في سيجارتها... - واحدات فُوقِن الحبش... ومن خيُوتِن... حبَشِي مَامَا الحَبَشِي يا سلااااامَا الحَبَشِي... وشعارِن قرمصيص أو شالة حمرااااااء فاقع لونها... - واحدات فُوقِن العَرَبْ... ومن خِيُوتِن... أحمد البشير يا الهدَنْدَوِي.. تُوبُو من حرِيرْ يا الهَدَنْدَوِي... وشعارِن تُوب عرب وملفحة وعمَّةً كاااااربي... - وواحدات فُوقِن الخواجات... ومن خيُوتِنْ... خوَّاجَة لانْدُو.. خواجة لانْدو... خواجة لاندُو.. كل حاجة عِنْدُو... وديل شعارِن كسكِتَّة وايضاً سيجارَتِنْ قصبَة.. - وواحدات فُوقِن الأسياد والشيوخ... ومن خِيُوتِن.. العرَكِيِّين يا اهل الله... ديل رِجال الدِّين يا اهل الله... ومن شعارِن السبحَة... - وواحدات كمان فُوق العسكَر... ومن خِيُوتِن... بابُور مسافِر ملان عساكر... للباشا بيه... ومن شعارِن لبسة عسكرية بي دبابيرها وصايِد كاب بي صقُر جديانُو... كانت أيام والله... يبدأ الميدان بعد صلاة العصر... بالخيت المشهُور... أوَّل ما بدينا... علي الحبيب صلينا... من زار رسولْنا الغالي... النُور شَلَع طوَّالي... ويستمر إلى ما بعد صلاة العشاء... ويُختم... بالخيت المشهُور أيضاً... اللِّيلي يا سيدي الحسَن... واللِّيلِي يا غُوث الزمَن... ويكون قضى ناس البلد يوم جميل جداً... مع أهازيج الخيوت ورَنَّات "الطَشْ" -الذي كان يجيد الدق عليه عدد قليل من الشباب- ودوزنَة الكشاكيش... كانت أيام جميلة بجد... وكانت: . . . البلد مبسوووووووووووطَة والحاكِمْ مَرِنْ... لا حِشِّير ولا نِهِّير ولا ذماً عفِن... وما سمِعْنَا زُولْ في رايُو ودُّوهُو السِجْن... إلِّي زُولْ قبَضُوهُو نُصَّ اللِّيلْ يَكَبِّن... # محمد ود حُمَّد إحمَدْ (الشايقي)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة