و الوطن الجريح يغلي على مرجل الصعوبات المعيشية و فداحة الجبايات و غلاء تعرفة الكهرباء و الماء ، و إنعدام الإمكانيات المادية لدى الأغلبية على مجاراة ما يكلفه التشخيص و العلاج و الدواء ، يندهش و يستغرب و يستنكر ثلة من أدعياء العمل الصحفي و المندسون خلف سُتر الضلال من النفعيين و المطبلين ، من طرد أبناء فداسي الشرفاء لولي أمرهم محمد طاهر إيلا و رهطه من المسئولين بولاية الجزيرة والعاجزين حتى عن الحفاظ على ماء وجوههم في أداء واجبهم الإجتماعي ، و ليسجِّل التاريخ الذي لن تفوت عليه كبيرة أو صغيرة إضافةً جديدة في سِفر هوان و إسترخاص حياة الإنسان السوداني بما حدث في مساء سبت فداسي الأسود ، تلك القرية الوادعة المرَّصعة بآيات السكينة و الرضا و البساطة و الدين ، و كنت قد عرفتُ في مرحلة مبكرة من حياتي بعضاً من بنيها زاملوني في مراحل دراسية مختلفة بود مدني ، فوجدتهم كرماء و أسخياء يحملون راية التهذيب و الأدب و التواضع ، فيهم لينٌ و صبر و مقدرة على إمتصاص الصدمات و لهم خبرة واسعة في مجال التعامل مع الآخرين و التواصل مع الغرباء و الضيوف و عابري السبيل بحكم موقع قريتهم على شارع مدني المكتظ بالحركة و الأحداث و الحوادث ، حدثني أحد الذين شهدوا هذه الحادثة المريعة و الشنيعة أن التانكر حينما أنقلب ، ظل في وضعة على بعد أمتار من نقطة شرطة فداسي و يتسرب منه البنزين و ذلك لساعات عدة ( ما بين صلاتي المغرب و العشاء ) .. و لذلك لم يكن من المستغرب في غياب الجهات المسئولة و في مقدمتها ( الدفاع المدني و المحلية و المرور ) لساعات ، أن تعُم الفوضى و المخالفات في مكان هو في حقيقة الأمر أشبه بسوق مكتظ ببسطاء الناس و الصبية و أصحاب المحلات الصغيره ، و لجهلهم بخطورة ما يمكن أن يحدث من إنفجار في أيي لحظة تدافعوا كل يحمل إناءاً ليملأه من ثقب كان يتسرب منه البنزين ، ثم قدَّر الله أن يحدث ما حدث ، والي الجزيرة كان من المفترض أن يُعطي إشارة بحضوره الشخصي و الفوري حال سماعه الخبر تفيد القاصي و الداني أن الإنسان في تلك الولاية المعطاءة هو همهُ الأول و بغيتهُ الأساسية للتنمية المستدامة التي طالما كانت شعاراً برَّاقاً لم يفارق خطاباته و تصريحاته ، كما يجب على القاعدين على سُرر السلطة و النفوذ أن يعلموا أن أمر المنصب هو في الأصل تكليف و ليس تشريف ، و أن شرعية التواجد و الإستمرار فيه مرتبطة بأداء حقوقه و واجباته ، التي لن تقوم لها قائمة دون محاسبة ، كان على وزير الصحة بولاية الجزيرة الذي تحدث نيابةً عن الوالي في عزاء شهداء فداسي الذين تجاوزوا الخمسين و العدد يزيد كل يوم ما بين أربعة و خمسة أشخاص ، وقبل أن يقول لقد وفَّرنا كافة متطلبات الرعاية الصحية للمصابين ( الذين تم إيوائهم قبل وفاتهم في مظلة خارجية طالتها الشمس بمستشفى ودمدني ) .. أن يشير إلى أن الحكومة الولاية ستعلن تحقيقاً شاملاً في الحادثة يُحاسب بموجبه المقصرين و المتأخرين عن أداء واجبهم مهما كانت مكانتهم الهيكلية ، ربما مثل هكذا حديث كان قادراً على جبر الخواطر المكسورة و الإحساس بالضيم و قلة الحيلة ، بعض الأدوية التي لم تتوفر قام أبناء فداسي بجلبها من الخارج عبر غرفة عمليات للتواصل بين السودان و أبناء فداسي بالخليج و خارج الخليج ... بالله عليكم إخلعوا عنكم ثوب الكمال الوهمي ، و إعترفوا بأنكم مثلكم مثل سائر البشر تصيبون و تُخطئون .. إعترفوا و إعتذروا أو إستقيلوا لو شاب عملكم تقصير أدى إلى إندلاع كارثة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة