رُفع الاعتصام بعد نجاح منقطع النظير ولكن يبقى الاهم ليس التبحر في نجاح الاعتصام او عدمه او انتظار مآلاته السياسية فقط ، المطلوب ان يذهب المفكرون والمثقفون الى ابعد من ذلك ويتعمقوا في ادبيات هذه المرحلة ، لان ما يحتاجه المستقبل هو دراسة تتعدى الواقع السياسي الى ما وراءه من تشكيل وجداني لنفسية الشعب ككل ، والتشكُل المفاهيمي الجديد في السياسة ومواعينها غير تلك المفاهيم الرتيبة المتعارف عليها والطفرة الاجتماعية التي قد تنتج مفاهيم مجتمعية تساعد على فهم نوع قادة المستقبل السياسية والاجتماعية وغيرها . ولنقرأ هذه المآلات جيدا مطالبون نحن بأن نلقى سؤال صغيرا لعل الاجابة عليه تساعد فهم المستقبل ، هل قرأ المحللون الواقع بطريقة سليمة؟ هل عرفوا ماهي آلية التغيير الناجعة وماهي ادوات الدعوة اليها ومن هم قوادها وماهو العقل الجمعى للمجتمع الحاضن لهذه الآلية ؟ للاسف الشديد كان أول اعداء هذا الاعتصام هم اؤلائك المحللون النمطيون والذين تشكلت رؤاهم الفكرية من واقع تاريخهم المعاش فهم وان كانوا غير معذورون في ذلك تربو على فكر واحد ناتج عن تراكم خبرات تاريخية بحتة وعليه ذهبوا الى ان اداة التغيير الناجعة هي بلا شك الثورة او الانتفاضة ، لان التركة الفكرية التي لديهم تقول عندما يصل حال البلد لذروته من الحطام يهب الشعب في وجه الحكومة هبة واحدة ليقتلع الدكتاتور في ايام . ولم يحدث احدهم نفسه بالاعتصام باعتباره اداة فاعلة يمكن ان تحدث تأثير يمتد لاسقاط الحكومات . فحسب خبرتهم الاعتصام ماهو الا مرحلة اولية تأتي متفرقة وضعيفة تقود للثورة فحتى مفهوم الاعتصام ارتبط لديهم بتوفر مناخه المتمثل في وجود نقابات قوية ومستقلة عن ربقة الحكومة ولهذه النقابات آليات للدعوة للاعتصام معروفة ومحدودة ايضا ، ولعدم وجود هذه النقابات المستقلة استبعد الاعتصام حتى كمرحلة اولية عند كثير من المحللين . فهم لا ولن يفهمو هذه الادوات الحديثة التي يمكن لها ان تقود الاعتصام من غير نقابات منظمة وبأليات مستحدثة غير تلك المهترئة والخربة التي تعداها الزمان . فالمحلل الذي يعتبر جهاز (الكمبيوتر) عائق مستفز لا يستطيع ان يتخطاه إلا بعد لأى وصراع نفسى مرير شخص لن يتفهم الادوات الحديثة التي يمكن ان تقود الى اعتصام ناجح ، فما زالت العقلية السائدة لدى الكثير من كبارنا ان الكمبيوتر والانترنت ووسائط التواصل الاجتماعي ( تعمدنا هذا التسلسل ) بكل انواعها نوع من ترف ولهو الصغار ومكان محاط بكثير من الريب والشكوك وإن الشرور لا تأتي الا من وراء هذه الشاشات الصغيرة . وعطفا على هذه الفكرة فعقلية محللينا يستحيل عليها ان تتوقع ان من يستخدم هذه الاشياء الصغيرة المستفزة اللاهية واللاهبة يمكن ان يكون رجلاً يُرجى منه الكثير . بمعنى اخر تربت عقلياتنا على نمط محدد لنوع القادة المناط بهم قيادة الامة في هذه الايام فهم بحسب تربيتهم الفكرية لابد ان يكونوا قادة نشأوا في بيئة حزبية محددة وتأهلو ككوادر قيادية في مدارس سياسية بفكر محدد . لهذا كون ان يقود الاعتصام هذا الفعل الكبير والضخم شباب صغار وعاديون لا تاريخ سياسي ولا نضالي لديهم شئ لا تستوعبه او يخطر على بال مثل هذه العقليات المجترة . وكذلك فهم لا يتوقعون ان يتعامل الشعب مع هذا الطرح الغير جاد من هؤلاء الصغار وبهذا يفرغون الفعل من مواعينه الحاضنة فالشعب او المجتمع كما قلنا وبحسب فكرهم ينتظر تراتب وتصاعد فعلى منمط ينطلق من مواعين محددة ويمر عبر آليات ضرورية ليصل لنتيجة معروفة وهي كالاتي ( نقابات – اعتصامات متفقرة – ثم ثورة ) . تعامل هؤلاء المحللون مع المجتمع بعقليتهم ونسوا ان هؤلاء الشباب بهذه الادوات المستحدثة هم المجتمع نفسه وانهم وافكارهم البالية الاستثناء في هذه المنظومة الحديثة . هذه العقلية الجديدة والوجدانية الرائعة التي ادهشنا بها الانسان السوداني في قطاعاته المختلفة هي المكسب الكبير في هذا العرس برمته فالناظر حواليه هذه الايام يرى نظرات الثقة التي صارت توشح الشارع السوداني وفي اعتقادى ان هذا الشباب عرف يتعامل مع التاريخ المأسوى القريب والبعيد للثورات وخصوصا في ظل هذا العدو الغاشم الذي لا يردعه وازع دين او اخلاق فجنب الناس الخروج المميت وساقهم بكل سلاسة في درب العصيان الانيق والناجز في الوقت الذي كان يقوده المفكرون النمطيون والعقليات المتكلسة الى محرقته وهم يرسمون له الثورة كمقرر دراسي في صفوفهم الغبية . اذا جمعنا خيوط هذه الفقرات وقولبناها في ما جرى سنخرج بثلاث نقاط مهمة . الاول هم القادة الجدد حيث لا يشترط فيهم التربية السياسية الحزبية الضيقة وهذا فضاء وطنى يفتح علينا طاقات جديدة من الامل في من سيتكفلنا في المستقبل ، وتشكيل الوجدان الوطنى بعيداً عن الاحزاب السياسية التي اورثتنا البلاء لهو مداعاة للارتياح بأن باغي الشر سينزوى الى مزابل التاريخ . وثانيهم هي ادوات هؤلاء القادة ، فالتعامل مع المستحدثات العصرية والتأقلم السريع مع معطيات العصر فيه تفكيك للعقلية النمطية القديمة السائدة في السودان تلك العقلية التي تهوى وتركن لكل ماهو قديم ونمطى ولا تملك الشجاعة الكافية للتعامل مع المستقبل . وثالثهم المجتمع الحاضن . نخلص الى حقيقة ستلقى الضوء على تاريخ السودان للحقب الاتية وهي ان هذا الشعب وان جار عليه محللوه ومفكروه واجتهدوا في حصره في عقليتهم النمطية ففي جعبته الكثير المثير وهو شعب معلم لا يفتأ يقدم الدروس الى العالم تترى . هل رأيتم كيف تعامل مع الوضع وكـأنه خبير يمارس روتين ممل خبر ############اته ونهل متعرجاته وعرف بداياته وكيف تكون نهاياته ؟ انها لدهشة عظيمة هذه التي رسمها هذا الشعب في صدر التاريخ تقودنا لنقول وبكل ثقة ان التغيير هي ذي بوابته وان الفجر دان عبرها بإذن الله . (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) قرآن ، صار من الواضح بان هذا الشعب المعلم قد تعلم وفهم دروسه وحان الدور الان على المثقفين والمحللين ان يقودوه ان استطاعوا وفق معطياته المستحدثة والشجاعة ويجب ان يغيروا ادوات فكرهم جمعا وان يطوروا من نظرتهم لشعبهم فما عاد هذا الشعب هو الشعب السوداني الذي يكتب عنه بمثل هذه العقلية العقيمة السلحفائية فيكفى ظلماً لهذا الشعب المعلم . بقى ان ننوه ان الفترة التي بين الاعتصامين فترة حرجة يجب ان يتعامل معها الناس بكل حذر فمما لا شك فيه ان العدو وبعد ان انكشف ظهره قد علم بعض من نقاط ضعفه وسيسارع لمعالجتها وإن دللنا على ذلك دللنا بكمية البيانات والمناشير الكاذبة التي بدأ في نشرها هذه الايام يحاول فيها خلق بلبلة تؤدى لعدم وثوق الناس من مصادرها بنشره عدة مناشير كاذبة ومتضاربة لموعد الاعتصام القادم ، يجب ان ننتبه لهذه الحيل وان نوحد اعلان واحد نثبت فيه يوم 19/12/2016 كضربة بداية للاعتصام الشامل والاخير لرمزيته الوطينة الجاذبة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة