خلال العقود الأربعة الماضية يشكل نظام الملالي العامل الرئيسي لكل التوترات وأعمال القتل والمجازر في منطقة الشرق الأوسط. لذلك فان اقامة العلاقة مع هذا النظام أو الابتعاد عنه أو الاقتراب منه يشكل مؤشرا في تقييم كل تيار سياسي وكل حكومة.
كما وخلال العقود الأربعة الماضية لم تنتهج آية دولة آخرى في أمريكا (ماعدا ادارة اوباما) استراتيجية الاقتراب من النظام الايراني الى حد الاعتراف بمصالح النظام في المنطقة. وكان اوباما هو الوحيد الذي اعتمد سياسة التقرب الى النظام الايراني الى هذه الدرجة بحيث طلب علنيا تقاسم الهيمنة في الشرق الأوسط بين السعودية وايران. وطبعا نتيجة هذه السياسة المدمرة واضحة حيث يعتقد كثيرون أنه بذهاب اوباما ستذهب معه هذه الستراتيجية أيضا.
وفي سوريا ولكون أمريكا لم توف بخطها الأحمر فيما يتعلق بالقصف الكيمياوي للنظام السوري وبالمقابل اتخذت تحديد تسليح المعارضة السورية بمثابة خط أحمر لها فتواصلت الحرب بضراوة أكثر في هذا البلد الذي راح أكثر من نصف مليون من نسمته ضحيتها. كما وفي العراق كان اوباما قد تواطأ واتفق مع ايران في عام 2010 لاسقاط الفائز في الانتخابات أي علاوي وزرع دمية النظام الايراني أي المالكي على الحكم ثم رأينا ما رأيناه أن المالكي كيف لعب الدور الأساسي في ايجاد داعش وسلم الموصل لهذه المجموعة لتتوالى الفجائع واحدة تلو أخرى. كما عملت هذه الستراتيجية في سحب مبكر للقوات الأمريكية من العراق لتقدم العراق على طبق من الذهب لايران لتعبث فيه وتشعل نار الفتنة الطائفية والقومية بضراوة في هذا البلد.
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي كان اوباما هو من قدم أكثر التنازلات الممكنة لايران وسمعنا في الأيام الأخيرة أن اوباما قال انه سيتخذ اجراءات فيما يتعلق بتعزيز الاتفاق النووي ضمانا لكي لا يتعرض لتوتر من قبل الحكومة الجديدة. ايرانيا قال زيبا كلام بكل صراحة ان عهد اوباما كان «عصرا ذهبيا» لايران. وأما حسين موسويان الدبلوماسي الأقدم والسابق للنظام فقد قال في افتتاحية صحيفة «ايران» الحكومية: «كان ممثلو الدول العربية يقولون لي ان اوباما كان الرئيس الوحيد الذي وافق على التخصيب والماء الثقيل في ايران أي مهد الطريق لايران لانتهاج مسيرين لصناعة القنبلة النووية. كما وافق على رفع العقوبات النووية والغاء القرارات الأممية. وبذلك فقد أنقذ ايران من عمق وادي العقوبات وفتح لها الطريق لتصبح قوة اقليمية عظمى. اوباما كان الرجل الذي اقترح على الرياض أن تدير المنطقة شراكة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية». ثم يكشف عن بيت القصيد في كلمته ويقول « على أية حال لا يمكن حذف هذا الواقع من صفحة التاريخ الدبلوماسي للعالم بأن في الولاية الثانية لاوباما تعرضت العلاقات بين أمريكا و آعداء أو منافسي ايران في المنطقة من آمثال العربية السعودية وتركيا لتحديات جدية بشكل غير مسبوق».
ان خوف النظام وردود أفعاله حيال انتخاب ترامب خير دليل على أن سياسة اوباما فيما يخص ايران ستتوقف. لأن ترامب والجمهوريين غير ملتزمين بالملالي لا في ملف الاتفاق النووي ولا في أي مجال آخر. ومن المستبعد جدا أن يرغب ترامب في مواصلة استراتيجية اوباما لدعم النظام لكونه لا نفع له في ذلك وهذا يبرز مواقف وتصريحات الجمهوريين قاطبة.
النظام الايراني يسعى بمساعدة اللوبيات الموالية العلنية والسرية له في عالم الصحافة والاعلام أن يوحي كأنّ ترامب وبسبب مواقفه من روسيا وسوريا سيقف بجانب ايران في نهاية المطاف. وهذا ليس الا خدعة ترمي لتحقيق هدفين الأول تعزيز النظام معنويات عناصره الخائبة والثاني اثارة هذا الايهام بهدف تجنب الدول الاقتراب من الادارة الأمريكية الجديدة لاستغلال الفرصة المواتية لقلب النظام الايراني. لابد أن لا تنطلي على أحد هذه الخدعة. كون نلمس من خلال تصريحات رموز النظام والخوف الذي يعتريهم الحال الذي يعيشونه و توجع النظام وحسرته «لعهد اوباما الذهبي».
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة