حديث المدينة الاثنين 5 ديسمبر 2016 قبل حوالي ثلاثة أيام، قدّمت إذاعة وتلفزيون (بي بي سي) حلقة عن الوضع الراهن في السودان.. من خلال برنامج (نقطة حوار) وهو برنامج مفتوح مُباشرةً على الجمهور يتصلون ويدلون بآرائهم على الهواء دون تشويش أو تعتيم.. لفت نظري في تباين الرأي بين مُعارضٍ وداعمٍ للحكومة أنّ الحوار اقتصر فقط على عرض الحجج والأخرى المُضادة لها بدون ترجيح.. أو مُهاترة.. أو حتى عنف لفظي في أدنى درجاته.. على نقيض ما يدور في الأسافير ومواقع التواصل الاجتماعي.. حيث تبلغ المُواجهة حد الاقتتال والوعيد.. يَصبح السؤال.. لماذا الحوار والسجال في أثير البي بي سي أنيقٌ ومُرتّبٌ ومُهذّبٌ بلا لكمات أو خدوش.. بينما المواجهات الإسفيرية مفتوحة على كل الاحتمالات من الصراخ إلى الألفاظ المسيئة.. بل حتى إشانة السمعة وتبادل الاتهامات والوعيد بالويل والثبور.. في تقديري هذه المُلاحظة مُهمّة جداً لاستنباط بيئة حوارية مُنتجة.. تحتمل كل حماس المُعارضة بكل اتجاهاتها وأهدافها.. وكذلك دفاع الحكومة.. بكل حمله الثقيل وغبنه وتراكماته.. في تقديري أنّ الحوار على وسيط (البي بي سي) كان سجالاً بلا دماء أو أشلاء.. لأنّ الوسيط نفسه استحق احترام الأطراف من خلال جديته واستقلاليته ووقاره المهني.. وفي المُقابل.. عندما تنعدم هذه الصفات في الوسائط الأخرى تنطلق النزوات وتستقوى بغياب المحاسبة والمسؤولية في أثير مفتوح بلا رقيب إلاّ الضمير.. فهل في الإمكان إيجاد منصة Platform تحتمل الجوار الجماهيري المفتوح للوصول إلى حل للأزمة السودانية.. دون دماءٍ أو أشلاءٍ؟ الحكومة ليس لديها استعدادٌ لسماع الكلمة الصادقة التي تُعبِّر عن الرأي الآخر.. لأنّها تقيس شرعية التعبير بمدى مُوافقته لرأيها.. والمُعارضة تُعوِّض نقص المنابر الرسمية لإيصال صوتها.. بحشو الكلمات بأقصى قَدرٍ من المتفجرات اللفظية.. فيصبح الحوار أقرب إلى (الحرب أولها كلام).. على طبول الحرب وإيقاعات ما قبل الهجوم.. في تقديري؛ نحن في حاجة لوسيط إعلامي يصح أن نطلق عليه (بي بي سي السودان) قادر على توفير منصة سجال حور مُستقبل السودان بمُنتهى الحصافة والرشد.. دون أن يكون الوسيط خاضعاً لأيِّ قيود ظاهرة أو خفية.. مُهمّة هذا الوسيط الإعلامي علاوة على توفير المعلومات الصادقة عن كل ما يجري على الساحة السودانية؛ أن يفرض الرشد المُنتج في سجال المسألة السودانية.. فمُستقبل بلادنا ليس حصراً على انتصار جهة على أخرى بل إحقاق الحق وإبطال الباطل بغض النظر عن أيهما الباطل وأيهما الحق.. مطلوب وسيط إعلامي مُنزّه عن الضغوط والالتزامات والقيود.. ليكون منصة صناعة مُستقبل السودان.. بأيدي أبناء السودان.. هذا ما نطمح أن يتحقق في الأيام القليلة القادمة إن شاء الله..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة