وقف مصطفى يجادل سيدة تريد أن تشتري (سراميك) من متجره..قدرته العالية في الاقناع كادت أن تأتي أكلها..ستنا تظهر على شاشة هاتفه..يرتبك قليلاً..يحاول إخفاء الارتباك عبر ابتسامة غامضة مصحوبة بنظرة عاجلة لوجه الزبونة..فكر في تجاهل مكالمة زوجته..لم يستطيع اتخاذ القرار..(في شنو ياستنا) كانت مدخله إلى الحديث..أخبرته الزوجة دون الخوض في التفاصيل أن عليه أن يتوجه الأن الى روضة وائل..حسمته (مافيش لكن.. الولد مريض)..قدم التنازل للزبونة وخفض السعر ثم انصرف إلى السيارة مستجيباً للتعليمات لم يجد مصطفى تبريراً مقنعاً لسيطرة زوجته على مقاليد الأمر داخل البيت..عليه أن يشرف كل صباح على إعداد العيال للمدرسة..حتى السندوتشات يقوم بصنعها..زوجته كانت ترفض فكرة شغالة في المنزل حتى دون الإفصاح عن مبرراتها..عندما يأتي من العمل يدخل في وردية المذاكرة الراتبة مع أبنائه الثلاثة.. كثيراً مايجد عمال يهدمون ويبنون بناءًا على تعليمات الدكتورة..حتى والدته باتت حينما تطالب بشيء تمرر الطلب عبر زوجته..الغريبة أن الدكتورة ستنا كانت كريمة جداً على كل من يقر بسيادتها على مفاصل السلطة المنزلية وصل مصطفى لابواب الروضة الفخيمة..موظف الاستقبال وجه الزائر لمقابلة مرشدة الفصل..أستاذة نادية بابتسامة مصحوبة برقة قالت له “مؤكد أنت والد وائل” واصلت مداعبتها الآن فقط أدركت من أين أتى وائل بكل هذه الوسامة..قبل أن يفيق دخلت الأستاذة إلى غرفة ملحقة بغرفة الدراسة..جاءت تحمل وائل ابن الثلاث سنوات..حاول أن يأخذ الطفل ولكن ردته بلطف قائلة “دعني أوصله للسيارة حتى أطمئن عليه” استغرب من التصرف.. تسع سنوات من الزواج وكان دائماً يتحمل الاشغال الشاقة..بعد أن غادرت نادية عائدة لمدرستها ركض خلفها يسألها هاتفها حتى يطمئنها على صحة تلميذها المريض ما أن جلس مصطفى في كابينة السيارة حتى كانت زوجته تتصل عليه تطلب تقريراً عاجلاً عن صحة وائل..بعدها وجهته للتوجه نحو الصيدلية، وتمكينها من الحديث إلى الصيدلي..ضحك ساخراً وأشفق على الصيدلي الذي سيأخذ نصيبه من التعليمات صورة المعلمة الوديعة تسيطر على عقل مصطفى..يكاد يلمس بيديه ثغرها الباسم ..تدهشه عيونها الكحيلة..كلامها المعسول يطرق أذنه.. غزلها يشعره لأول مرة بأنه مازال شاباً جذاباً الصورة الأخرى امرأة جميلة، ولكنها طاغية..بدأ يتذكر ذلك اليوم الأول في كورس التقوية الذي تقيمه رابطة أبناء الامتداد كل عام لمساعدة الطلاب الممتحنين..عشر سنوات مرت منذ أن قدم أول تنازل..مدير الكورس قسم الطلاب لمجموعتين لأغراض التنافس..ستنا التي تدرس في السنة السادسة بكلية الطب ترأست المجموعة الثانية..عند التقسيم كان مصطفى في الجبهة الأخرى..أصرت ستنا على أن يكون مصطفى طالب الهندسة المدنية وابن أشهر تجار السجانة عضواً في مجموعتها..ثم بدأت سلسلة الأوامر من امرأة في غاية الجمال..في اليوم الأخير قدمت ستنا أمراً في شكل مزحة..قالت لمصطفى “سأتزوجك”..شعر الشاب بالخجل وانتهى الأمر إلى نكته تلقفتها الملائكة واستجاب لها الله قرر مصطفى أن يثور على طريقته الخاصة..بات يتردد على المرشدة نادية..في يوم ما جاءها من الآخر وطلب يدها..شعرت نادية بذات الخجل الذي يعرفه مصطفى جيداً..اعتبر صمتها المقرون بابتسامة خافتة عبارة عن موافقة مبدئية في مساء يوم ارتدى مصطفى ملابسه بأناقة فوق المعتاد..سألته زوجته عن وجهته فأخبرها أنه سيتزوج هذا المساء..ضحكت الطبيبة على غير المعتاد و تمنت له التوفيق..هنالك كان يطرق على الباب بشدة ولا أحد يفتح له.. استيقظت ستنا على وقع يد مصطفى المتحركة..كانت تعليماتها “يا راجل قول بسم الله وقوم لبس الأولاد”.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة