|
لماذا نهتم بالانتخابات الامريكية ؟
|
07:18 AM November, 11 2016 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله محمد- مكتبتى رابط مختصر السودانيون مولعون بمتابعة سباق انتخابات الرئاسة الامريكية, الامر الذي يفرض علينا طرح هذا الاستفهام , لماذا نحن دون سائر شعوب الارض نهتم اهتماماً بالغاً بالشأن الداخلي الامريكي ؟ الاجابة حاضرة و بديهية وهي : ان مصيرنا مرتبط ارتباط وثيق بالادارة الامريكية التي لا ينكر عاقل نفوذها الكبير في معادلة الاستقرار و الحلول السياسية في افريقيا , منذ ان أبصرت اعيننا النور و نحن نحيط علماً ومعرفةً بامريكا اكثر من احاطة مواطنيها بها, و لنا مخزون معلوماتي عن السِيّر الذاتية للرؤساء و المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة اكثر مما يملك الناخب الامريكي من معلومة عمَّن يريد منحه صوته , فكل القرارات المصيرية التي اتخذت والاتفاقيات التي وقعت في الشأن السوداني في الفترة الاخيرة كانت لامريكا فيها اليد الطولى , وذات الاهتمام بالعملية الديمقراطية تجده ايضاً من الشعوب العربية مما يدلل على ان الولايات المتحدة الامريكية هي عرّاب كوكب الارض , تماماً كما كان يطلق احد اصدقائنا عبارة (أمير الكوكب) على بل كلنتون عندما يراه في شاشات التلفزة . السبق الاداري و الصناعي و التجاري و العلمي هو الذي يضع صاحبه في المقدمة , كما ذكر الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم حاكم دبي في افتتاحية كتابه (رؤيتي) انه في كل صباح يوم جديد يطل على الدنيا هنالك اسد جائع يطارد غزالة منهكة مرعوبة باحثة عن الامان , انّه تجسيد بائن للصراع من اجل الحياة وتفسير واضح لعملية الانتخاب الطبيعي , مهما تحدثنا عن الشعب و الحكومات الامريكية و بدايات تأسيس هذه الامبراطورية الحديثة فالمحصلة النهائية التي سنصل اليها هي ان الحياة التي نراها امامنا في تلك البقاع المسماة بالدنيا الجديدة لم تطرأ على الوجود مصادفةً , بل كانت هنالك مسيرة طويلة من الدموع و الدماء , سكبت وروت تلك الاصقاع التي كانت خالية من كل شيء الا الوحوش و الانسان البدائي , فغرس اولئك الايرلنديون بذرة دولة قوية تختلف عن كل منظومات العالم اليوم , نظام عدلي و دستوري ديمقراطي بُنى على قاعدة خرسانية صلبة استبعدت العصبية العرقية و الدينية ونادت بالوحدة و القسم على ان لا شيء غير الوحدة. كلنا عشم في ان تسود سوداننا الغلبان هذه الممارسة الديمقراطية و هذه الاريحية و السلاسة في انتقال السلطة من رئيس الى آخر , فعندما ينهمك المواطن السوداني في متابعة ورصد هذه الرحلة الديمقراطية التي تعكسها سباقات الرئاسة الامريكية عبر الحقب و السنين فهو بهكذا سلوك يعزّي نفسه في حاجته الماسة و الضرورية و المشفقة لرئيس لا يجلس على الكرسي ثلاثة عقود من الزمان متواصلة, فهل يستطيع المواطن الامريكي ان يستوعب قصة ان يظل رئيس مثل البشير جالس على كرسي القصر الابيض السوداني مدة تجاوزت مدد اربعة رؤساء حكموا امريكا وساهموا في تغيير خارطة العالم الجيوسياسية وانتهت مددهم واصبحوا جزء من تاريخ بلادهم و ما يزال ريّسنا يقضي شيخوخته وخريف عمره متمسكاً بالكرسي , و ماضياً في مشروع اراقة كل ما تبقى من دماء الوطن و المواطن في سبيل ان يموت وهو ممسكاً بهذا الكرسي العجيب , مثل حال ريّسنا تصلح لان تكون قصة من قصص عجائب الدنيا و حجوة من احاجي الحبوبات التي توازي في خيالها احجية (ود امبعلو) , نحن شعب عطش وجائع ليس من اجل الماء والخبز وحده ولكننا عطشى لممارسة حقنا الدستوري في لحظة من لحظات الاحساس و الشعور بالحرية الكاملة في التصويت لاختيار من يحكمنا في عملية نزيهة وشريفة و شفافة و نظيفة و مقدسة كتلك التي اتت بابن الكيني المهاجر الى بلاد اليانكي الامريكي رئيساً لاعظم بلاد الدنيا , نحن في شوق لرؤية رئيس بلادنا يقاتل في البرمان من اجل مجانية التأمين الصحي و التعليم المجاني لابنائنا , لكل هذه الاسباب تجدنا نعشق مشاهدة هيلاري كلنتون و هي تكتسح مرشحي حزبها من الرجال لكي تصبح اول امرأة مرشحة لخوض غمار الانتخابات الرئاسية لاكبر امبراطورية في دنيانا اليوم . الى متى نظل قابعين ومكتفين بدور المشاهد لفيلم راعي البقر الذي بنى حضارة العصر ؟ متى يقوم رعاتنا وصناعنا وزراعنا وطلابنا و علمائنا و تجارنا و نسائنا بالصعود الى المسرح التراجيدي الواقعي لتأدية الدور الاخلاقي في تحطيم هذا العبث و وضع حجر الاساس لديمقراطية شعب له ذاتيته و سلطته التي يستخدمها بكل ثقة في اختيار من شاء ليمثله , أو طرح الثقة عنه متى ما رآه يحنث بالميثاق , انه الشغف بهذه القيم الانسانية النبيلة التي نتنسمها عبر البحار قادمة الينا من وراء المحيط الاطلسي رغم مئات الفراسخ الفاصلة بيننا وبين هذه الارض التي تشبعت بقدسية حرية وحق الاختيار.
|
|
|
|
|
|