لما كانت العاصمة الخرطوم تحتوي على ما يزيد عن60% من سكان السودان ، وأكثر من 80% من حركة البلاد الإقتصادية وخصوصاً التجارية والصناعية والتحويلية وغيرها ، تكون بهذه المواصفات مسئولة عن إنتاج ما يقرب من 90% من نفايات وقاذورات البلاد ، ولهذا ستكون الرسالة موجهة لمعتمدي العاصمة الثلاثة ، و أخص منهم السيد معتمد الخرطوم والذي على ما يبدو تواجهه مشكلات كبيرة في موضوع النظافة بدت إنعكاساتها في ما تشهده محلية الخرطوم في أسواقها وشوارعها السكنية من حالة مذرية لتكدس النفايات والأوساخ والأتربة على مداخل وأرصفة الشوارع بالقدر الذي جعلها تؤثر في حركة سير المارة والمركبات ، ثم ما يمكن أن تصنعه من مخاطر صحية ستكون عواقبها وخيمة وكارثية ، وأكاد أكون قريباً من حد الجزم أن ما تشهده العاصمة و الولايات من إسهالات مائية أو كوليرا (يتستر عن إعلانها وزير الصحة) سببها المباشر مصادر القمامة والنفايات التي تحيط بمعتمدية الخرطوم ، وأقصد الخرطوم تحديداً لأنها الأكثر معاناةً من بين معتمديات العاصمة الأخرى ، كما أن مجهودات معتمديتي بحري وأم درمان أكثر وضوحاً وفيها ما يُشير إلى نجاح محدود بالنظر إلى حالة شوارعها وأسواقها ومراكز تجمعاتها الإستراتيجية ، على معتمدية الخرطوم أن تواجه الواقع المرير الذي تعانيه مخططات نظافة الخرطوم ، وذلك عبرالإعتراف أولاً بأن هناك مشكلة بل (فشلاً) واضحاً في إعادة الأمور إلى نصابها في هذا المضمار ، وثانياً عبر وضع الموضوع في أعلى قائمة الأولويات التي تعمل عليها المعتمدية والمحليات ، أما الهيئة العليا لنظافة الخرطوم فيسري عليها ما سرى على كثير من المؤسسات (الرديفة) من مشكلات أهمها كثرة (الضجيج) الإعلامي و الوعود و(الأحلام) والإعلان عن مشاريع وشراكات لا وجود لها على أرض الواقع ، ثم أعود لأستفسر المسئولين عن سن القوانين والتشريعات المتعلقة بإنشاء المؤسسات والهيئات عن المستهدفات والمصالح المتوخاة من (إزدواجية) المسئولية تجاه الكثير من المهام و المتطلبات الحيوية ؟ ألن يؤدي ذلك إلى تضارب في المسئوليات والمهام والتخطيط ؟ فضلاً عن إضرام صراع وتشابك السلطات ، هذا غير ما يتطلبه ذلك من أعباء مالية إضافية ضخمة كان من الأجدى إستغلالها في توفير السبل والمواد والأدوات التي يمكن أن تتحقق بها نظافة الخرطوم وإصحاح بيئتها الموبوءة ، والتي أصبحت مؤخراً مصدراً مضموناً لكثير من الكوارث الصحية ، في رأيي تحتاج معتمدية الخرطوم إلى مراجعة فقه الأولويات في تحديد ما يجب أن يُصرف عليه أو يُبذل فيه مجهوداً ، فالملاحظ إهتمامها بإعطاء الأولويات لمسائل التشجير الشارعي وبعض المخططات المتعلقة بالقيمة الجمالية للشوارع والميادين ، والتي في رأيي سوف لن يكون لها أيي قيمة أو تأثير إيجابي في ظل حضور المشكلة العامة للنفايات والمخلفات المنزلية واللتان لا تعطيان المتلقي الفرصة للتمتع بالقيمة الجمالية البصرية المستهدفة و ما يجري إنجازه من تحسينات ، وهناك جانب آخر لمشكلة النفايات والمخلفات الحضرية أكثر تعقيداً يتمثل في النفايات الطبية وكيفية ومسئولية التخلص منها بطريقة آمنه ، وهذه القضية فيها ما فيها من عوائق و قصور وتداخل كبير في الإختصاصات ما بين المحليات والمجلس الأعلى لنظافة الخرطوم و وزارة البيئة والمجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية وكذلك وزارة الصحة ومؤسساتها المختصة .. أما أسرار ومساجلات ما يدور حول موضوعها لا يسعني المقام لذكره ولكن ربما تطرَّقنا له في مقام آخر .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة