لا تستغرب عندما يجتمع في مكان واحد للطعن في السنة النبوية الليبرالي والعلماني والنصراني والرافضي والملحد المعلن والملحد المتستّر (الغوّاصة) !! وبعض المنتسبين لأحزاب توصف بأنها إسلامية !!!غيرهم من فرق الضلال ،
فالمتابع لما ينشر في بعض الصحف ويبث في بعض القنوات والإذاعات ولما يدور في بعض المنتديات ومواقع التواصل (الفيسبوك) وغيره ، يقف على هجمة على سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومظاهر هذه الهجمة تتمثّل في دعوة بعض الزائغين للاكتفاء بالعمل بالقرآن الكريم واستخدام العقول في فهمه واستقلال كل شخص بفهمه وما يصل إليه، وردّ السنة النبوية بمحض الآراء بدعوى مخالفتها للقرآن الكريم !! وتبرز مظاهر هذه الدعوة في الطعن القبيح الصريح في كتب الأحاديث كصحيح البخاري ومسلم التي تلقتها الأمة بالقبول ، وغيرهما من كتب السنة التي روت أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام وفق المنهج العلمي المعلوم في أسانيد الأحاديث وعلم المصطلح والجرح والتعديل. فتجد من يقول يكتفي ببيان القرآن الكريم فقط ودعوا السنة واستخدموا عقولكم وقلوبكم لتفهموا معاني القرآن الكريم .. ويقال لهذا وأمثاله : صف لنا العقل النموذجي الذي يصحّح ويفسّر ويرد ويقبل، وقلت له إذا اختلف اثنان أو خمسة أو تسعة في أمر فعقل من الذي يتبع ؟! وقلت له أثبت لي عدد الصلوات وما يقرأ فيها وعدد أشواط الطواف وأنصبة الزكاة من القرآن الكريم فأعياه ذلك ، فلزم التنبيه بالحذر من هذه الدعوة التي مؤدّاها ترك الإسلام وشريعة رب العالمين وطاعة الهوى والشياطين والانسلاخ والخروج والردة عن الدين الذي ختم الله به الأديان. إن إعلاء شأن النصوص الشرعية وهي الكتاب والسنة وهي وحي الله تعالى لخاتم أنبيائه ورسله شأن المؤمن الموفق ، وهي صفة من أراد الله تعالى له التوفيق والنجاة والسعادة في الدارين، ولا يقلل من شأن نصوص الوحي (الكتاب والسنة) إلا غارق في الجهل أو منافق ، قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ..." وقال الله تعالى :"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " وقال تعالى : "أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون" وقال تعالى : "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء " ، ومن حُرِمَ ذلك ابتلي بزبالات الأفكار ، وإن الله تعالى قد أوجب على عباده الاستجابة لأمره وأمر رسوله قال الله تعالى :"يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.." ، والاستجابة للرسول تكون بالعمل بسنته عليه الصلاة والسلام ، وإن من يدعو الناس للتحاكم للعقول وتقديمها على النصوص الشرعية من الأحاديث النبوية فإنما يدعوهم لاتباع الهوى قال الله تعالى : "فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله .." ومن لُبّس عليه بتقديم العقل على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فيقال له : إن العقل السليم الصريح لا يخالف النقل الصحيح ، وإن العقل تابع للنصوص الشرعية ، ونطالب هؤلاء (الأغمار) أن يوردوا لنا أمثلة لتعارض العقل مع النصوص الشرعية ، فإن الشريعة جاءت بما تحتار وتندهش وتنبهر له العقول ، ولم وتأتِ بما تحيله العقول وتراه مستحيلاً ، ثم عقل من الذي يقدم على النصوص ؟! أياً ترى هو عقل الجهمية شيوخ المعتزلة وأساتذتهم ؟! أم عقول المعتزلة الذين تمجدهم؟! وقد اختلف المعتزلة فيما بينهم إلى فرق وطوائف عديدة!! فهل نأخذ بعقول المعتزلة البغداديين؟! أم المعتزلة البصريين؟!أم هو عقل الليبرالي أم الرافضي أم الحداثي؟!! قال شيخ الإسلام ابن تيمية" النصوص الثابتة في الكتاب والسنة لا يعارضها معقول بيِّن قط، ولا يعارضها إلا ما فيه اشتباه واضطراب، وما عُلم أنه حق لا يعارضه إلا ما فيه اضطراب واشتباه، ولم يُعلم أنه حق، بل نقول قولاً عاماً كلياً، إن النصوص الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعارضها قط صريح معقول فضلاً على أن يكون مقدماً عليها، وإنما الذي يعارضها شبه وخيالات مبناها على معانٍ متشابهة، وألفاظ مجملة، فمتى وقع الاستفسار والبيان ظهر أن ما عارضها شبه سفسطائية لا براهين عقلية". وقال ابن قيم الجوزية : "وكل من له مسكة من عقل يعلم أن فساد العالم و خرابه إنما نشأ من تقديم الرأي على الوحي، والهوى على العقل وما استحكم هذا الأصلان الفاسدان في قلب إلا استحكم هلاكه وفي أمة إلا فسد أمرها أتم فساد فلا إله إلا الله كم نفى بهذه الآراء من حق وأثبت لها من باطل وأميت بها من هدى وأحيي بها من ضلالة وكم هدم بها من معقل الإيمان وعمر بها من دين الشيطان". وقال ـ أيضاً ـ :" إذا تعارض النقل وهذه العقول أُخذ بالنقل الصحيح ورُمي بهذه العقول تحت الأقدام وحطت حيث حطها الله وأصحابها". وقد حكم الإمام الشافعي ــ الذي ذكرته في مقدمة مقالك ــ وحكم غيره من علماء المسلمين على المعتزلة ــ وقد سموهم أهل الكلام ــ في دعواهم تقديم العقل على النقل قال الشافعي :"حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في القبائل والعشائر ويقال : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام. وقال : لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلماً يقوله ، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه ــ ما خلا الشرك بالله ــ خير من أن يبتلى بالكلام" انتهى. وقال الشاطبي المالكي : "لا ينبغي للعقل أن يتقدم بين يدي الشرع فإنه من التقدم بين يدي الله ورسوله ، وهذا هو ـ يعني عدم تقدم العقل بين يدي الشرع ــ مذهب الصحابة وعليه دأبوا وإليه اتخذوا طريقاً إلى الجنة فوصلوا". والنقول في هذا عن علماء الإسلام على مر العصور كثيرة جداً ، وذلك لإدراكهم لخطورة هذا المذهب الذي يؤدي إلى التخلي عن الشريعة وتركها ، ونفي ما دلت عليه النصوص تحت شعار:" مخالفتها العقل" ، وقد كان تقديم العقول على النصوص في الأمم السابقة سبباً جليّاً في معاندة الكثيرين لرسل الله عليهم الصلاة والسلام كما قص الله تبارك وتعالى علينا ذلك في كتابه الكريم.بل لأجل ذلك رفض إبليس السجود لآدم فترك النص وأبى واستكبر بدعوى الأفضلية فقاس قياساً فاسداً استحق بسببه اللعنة. إن سنة النبي عليه الصلاة والسلام تخصص عام القرآن الكريم وتبين مجمله وتقيد مطلقه، بل وتنسخ محكمه ، وتأتي بأحكام لم ترد في القرآن الكريم وتأتي بأحكام مؤكّدة لما جاء في القرآن الكريم .. فلم يكن لينطق المصطفى عن الهوى ، بل هو وحي أوحاه الله إليه .. ألا فليتوقف المتطاولون عن هذه الشنشنة ، وإلا فليبشروا بقول الله تعالى : "إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ". alintibaha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة