@. شاب ربما في أواخر الثلاثينات من العمر في احد الاسواق المشهورة بمدينة إسطنبول والتي لا تكتمل متعة السايح دون زيارته ، ركض خلفنا لمسافة طويلة وما ان انتبهنا له وقفنا نحتسب ان رغبته ان يبيعنا شيئا فاذا به يجلس صغاره التوأم أرضا واللذين لم يغادروا سن السابعة بعد ... جلس الصغار القرفصاء وعقدوا اياديهم ورتلوا لنا سورة الفاتحة بمخارج كلمات واضحة .. لم أتمالك نفسي وجلست بجوارهم احتضن هذه الزهرات وإشعاعات فرح حقيقية تتدفق من اعين ابيهم الذي فهمنا انه ما ان سمع صغاري يتحادثون باللغة العربية الا واستجلى اننا مسلمون فجاء بصغاره متباهيًا بما حفظوه رغم انه لا يتحدث العربية . @. مررنا بمقابر مسوره بأسلاك شائكة لم تكن تختلف كثيرا عن مقابر البكري بمدينة بامدرمان او الرحيق المختوم بالحاج يوسف فرفعنا اكفنا نترحم علي الموتي ونتهجى أسماءهم من الواح الشواهد الخرسانية فاذا برجل ثمانيني تصادف وجوده يحادثنا باللغة بالتركية وهو يمسح دموعه بكلتا يديه كان موقفا انسانيا حزينا وكانما فقد بالامس عزيزا لديه ... لم يكن بوسعنا شيء غير التربيت علي كتفه ومواساته " الحمدلله الحمدلله يا حاج " .. فاذا باحد المارة يلقي تحية السلام ويترجم لنا ان الرجل يقول " هؤلاء الراقدين بالمقابر هم اهلنا وأجدادنا ونحن لا نستطيع قراءة أسماءهم وتاريخ وفاتهم .. وهولاء زوار اغراب يقرؤون أسماءهم من الشواهد وتاريخ وفاتهم ويترحمون عليهم لأنهم يتقنون اللغة العربية التي حرمنا منها ". @. في احدي المدن الصغيرة فضلنا السكن بشقة مفروشة كانت لرجل مسن وبعد ان طافوا بِنَا بغرفها سلمتني زوجته زجاجة مشروب الرمان بالثلاجة كنوع من الضيافة ودلتني علي كيس مطرز بعناية يشبه شنطة القرنفعوه بداخله سجادة صلاة أنيقة ومصحف ذو طباعة فاخرة وهي تحادثني بان هذا شيء عزيز وغالي عندها لأحسن المحافظة عليه .. @. ما ان وضعنا أمتعتنا نزلنا للحديقة المقابلة للشقة فجلست بالقرب من مجموعة نسوة اصروا ان أشاركهم فراشهم علي النجيلة وحلويات ذاكية وغالبيتهن كن ينسجن أعمالا يدوية ،. هذه تصنع كوفية وأخري جوارب للاطفال الخ ولم يكن من بد ان أحادثهن ببعض كلمات الترحيب حفظناها كمفتاح للتعامل اليومي ...وفهمت أنهن محتفيات بصديقتهن التي جاءت من رحلة عمرة للأراضي المقدسة ، فاستدعيت بعض قدراتي بلغة الإشارة لأخبرهن بأنني ايضا اديت فريضة الحج... كادت النسوة يقبلن راسي ويتمسحن بي تفاؤلا وتبركا ... @. هذه تجارب صغيرة قد يكون مر بمثلها الكثيرون استدعيتها تماذجا وما يتدفق هذه الأيام مع حوادث الانقلاب الفاشل بدولة تركيا الحبيبة ومساراتها لتوطين الدولة الحديثة والمسلمة قلبا وقالبا وكيف دافع المواطن اي كانت توجهاته عن الاستقرار والسلام والتنمية التي باتت علامة مميزة لتركيا التي سطرت سيرتها وسط الامم المتقدمة ... وبرغم ان تجاربي التي ذكرت كانت قبل سنوات بعيدة الا انها دليل ان هذا الشعب نقي مخلص يمارس فطرته الإيمانية ضمن مفاصل الحياة اليومية الجادة " فالدين المعاملة " ومن يخاف الله يحفظه من الشرور ... @ اللهم احفظ بلادنا منً كل مكروه واحفظ تركيا هذا البلد الأنموذج في رغد الحياة وتقدم وتيرتها للأمام واحرس شبابها وصبيتها ونساؤها اللذين جعلوا من صدورهم دروع واقية لإنجازات رئيس دولتهم المحبوب رجب اردوغان
عواطف عبداللطيف [email protected] اعلامية مقيمة بقطر همسة : تركيا تحصد نبت قيم مغروسة أصلا في شعبها وهذا هو بيت القصيد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة