بدءاً من استدعاء الخارجية الايرانية للسفير الفرنسي، مروراً بالتهديدات المبطنة التي وجهها محمد جواد ظريف ومحسن رضائي للسعودية، وانتهاء بتعليقات الإعلام الرسمي الإيراني على فعاليات مهرجان المجلس الوطني للمقاومة الايرانية في ضاحية بورجيه الفرنسية، تكشف ردود فعل ملالي ايران عن التوتر الذي أصابهم اثر الحدث الذي تحول الى حالة من السجال والجدل في شارع سياسي عربي لا يكف عن الدوران في دوامات الانقسام والتشظي.
علة قدر كبير من اصطفافات النخب العربية التي تابعت تداعيات الحدث وعلقت عليه، الخضوع للأحكام المسبقة والانطلاق من مواقف أو قراءات أحادية الجانب بدلاً من معاينة التطور المثير للجدل في سياق ظروفه الموضوعية وبناء على مسبباته.
يمكن الاستدلال على بعض مظاهر العلة في الفرضيات والاسئلة الساذجة التي رافقت محاولة توجيه المعطيات باتجاه نتائج مضمرة في أذهان اصحابها بدلاً من استخلاص النتائج من المعطيات.
أول هذه المظاهر سوق أسباب واهية للتقليل من جدوى استخدام طرف إقليمي فاعل لتناقضات داخلية يمر بها خصمه في نزاع إقليمي شامل بعض قوانينه تحسين موازين القوى وجمع النقاط لتحقيق انتصار نهائي بالضربة القاضية.
المظهر الثاني يتمثل في طرح علامة استفهام حول مشروعية استخدام التناقضات الإيرانية دون التفاتة عابرة إلى قرابة أربعة عقود من تمددات وتدخلات نظام الملالي التي مرت بعدة أطوار بدءاً بمشروع تصدير الثورة إلى دول الجوار مروراً بإيجاد بؤر توتر طائفي يمكن استخدامها صناديق بريد لمراسلة المجتمع الدولي وانتهاء بمحاولات الإلحاق وتثبيت مناطق نفوذ وفي كل طور من هذه الاطوار كانت العواصم العربية في حالة دفاع عن أمنها وسيادتها الامر الذي تعاملت معه طهران باعتباره فاتح شهية لمزيد من التغول.
ثالث مظاهر علة رؤى بعض النخب العربية يكمن في تجاهل الهشاشة والأزمات المركبة التي يعانيها الداخل الإيراني المتمثل أبرزها في قضايا الاقليات وصراع أجنحة الحكم وغياب النموذج الذي بشرت به الثورة على نظام الشاه.
يمكن إضافة مظهر رابع يتمثل في عجز نخب عربية عن تقييم قدرات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي تقوده منظمة مجاهدي خلق التي كانت شريكاً رئيسياً في إسقاط نظام الشاه واستطاعت البقاء بديلاً محتملاً لنظام الملالي وتطرح رؤية شاملة لحل أزمات البلاد والمنطقة رغم صعوبة الظروف الإقليمية والدولية وما زالت تحظى بحضور في الداخل الإيراني وتمتلك قدرة على تحشيد ما يزيد عن المئة ألف شخص في الضواحي الباريسية.
ما لم تقرأه بعض النخب العربية في التطورات التي أعقبت المهرجان أن تصعيد نظام الملالي ضد مشاركة الأمير تركي الفيصل في فعالية يقيمها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تعبير آخر عن تعقيدات الازمات الداخلية التي جرت العادة على تصديرها إلى دول الجوار بإثارة الأزمات الإقليمية وتقديرات صناع السياسة في قم وطهران بأن ما قبل بورجيه يختلف عن ما بعده.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة