إمتداداً لمشاريعها وبرامجها التثقيفية والفكرية والإبداعية التي تبنَّتها إدارة الساحة الخضراء كإتجاه جديد في تفعيل المنتزهات السياحية الوطنية ، وتغيير أنماط نشاطاتها التقليدية ، ما زال منتدى الساحة الخضراء الثقافي يدلف كل يوم جمعة إلى مساحات متجدِّدة من الفكر والإفادة والفن الرصين ، وقد كان برنامج المنتدى ليوم الجمعة الماضي الموافق 5 مايو 2017 إستثنائياً في محتواه المعلوماتي والفني وذلك عبر إستضافتة لأستاذ الأجيال السر قدور ، وكان المحور الرئيس للمنتدى ينطلق من فكرة تسليط الضوء على مسيرة السر قدور الفنية والإبداعية والتي إستغرقت ما يقارب الخمسين عاماً من العطاء المتواصل وذلك من منظور شمولية مواهبة وإبداعاته التي مارسها عبر التمثيل والتأليف الشعري والمسرحي وكذلك التلحين والغناء ، أما الفائدة (المُستترة) التي ميَّزت هذه التظاهرة التي رعاها كل من اللواء عمر نمر رئيس المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية والأستاذ محمد آدم عربي المدير العام للساحة الخضراء وإشراف الدكتور نصر الدين شلقامي ، أنها جعلت قدراً كبيراً من الشباب الذين يؤمون الساحة والمنتدى يدلفون إلى عالم السر قدور الزاخر بالإبداع والعطاء (خارج أسوار) برنامجه الشهير أغاني وأغاني ، فمعظم شبابنا لم يعرف السر قدور من المنظور الشخصي والفني إلا من خلال ذلك البرنامج الذي لم يكن ليحقق تلك الشهرة وذلك النجاح لولا وجود السر قدور بخبرته الطويلة في العمل الإعلامي وكذلك إلمامه العميق بتاريخ حركة وتطوُّر الأغنية السودانية ، هذا فضلاً عن شخصيته المتفردة بمواهب إضافية أهمها خِفة الظل والحضور المسرحي والمقدرة على الأداء الدرامي المُستساغ والمناسب للرؤية الإخراجية التي إنبنت عليها فكرة البرنامج ، السر قدور ألقى محاضرة قيَّمة حول تاريخ وتطوُّر الأغنية السودانية ، ثم تحدَّث عن إسهاماته في تطوير أدواتها وبِنيتها الشكلية والضمنية ، عبر ريادته في كتابة القصيدة الغنائية التي لا تعتمد على المطلع ، لأسباب موضوعية أجملها في عدم الحوجة للمطالع الغنائية المُكرَّرة بعدما حلَّت اللزمات الموسيقية محل (الكورَّس) أو الكورال الذي كان في الماضي أحد الإحتياجات الأساسية لأداء الأغنية الشعبية قبل ظهور الأوركسترا الموسيقية بشكلها الحالي ، إذن فالسر قدور قد أدلى بدلوه أيضاً في مجال دعم الشعر الغنائي السوداني بأدوات كان أهمها التجريب والتجديد والثورة على القديم ، أدى مجموعة من الفنانين الشباب مجموعة مميَّزة ومؤثرة من الأغاني التي كتبها السر قدور والتي طالما ما كانت من البنيات الأساسية التي قامت عليها حركة التجديد في الأغنية السودانية من ناحية ومن ناحية أخرى بناء المعايير المُثلى لمستويات التذوق الإبداعي العام في بلادنا ، من تلك الأغاني الخالدات (الشوق والريد ، يا حبيبي نحنا إتلاقينا مره ، أنا إفريقي أنا سوداني ، لو كان حبيبي أباح ) وغيرها من الجواهر الفنية العميقة والرصينة في شكلها ومضمونها الشعري والبرَّاقة في تنفيذها اللحني والموسيقي ، السر قدور قامة فنية سودانية أصيلة وسامقة وتستحق أن يُوثق لها ، وهو موعود بتكريم مُستحق أعلن عنه الأستاذ محمد آدم عربي مدير الساحة سُيعلن عنه في الأيام القادمات ، متَّع الله الأستاذ المبدع المتعدِّد المواهب السر قدور بالصحة والعافية وأطال في عمره ذخراً وسنداً ونموذجاً يُحتذى به في عالم الإبداع الهادف والرصين و المُبهر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة