:: ومن حكم أمير الشعراء شوقي : وكن في الطريق عفيف الخطى .. شريف السماع .. كريم النظر وكن رجلاً إن أتوا بعده .. يقولون : مر و هذا الأثر :: وعلى سبيل المثال، لم يكتف علي أمين يومئذ بنشر رسالة الأم الشاكية لجفاء أولادها.. وكذلك لم يكتف مصطفى أمين بنشر ملخص زيارة أم اخرى جاءت شاكية لهجرة أولادها..لم يكتف الأخوان بنشر قضية الوالدتين في صحيفتهما (أخبار اليوم) ..ولكنهما اتفقا على إطلاق فكرة عيد الأم عبر الصحيفة..ثم نزلت الفكرة من الصحيفة إلي مجتمع مصر لتنبت شجرة يستظل بها أبناء وبنات العرب، 21 مارس من كل عام ..وهكذا أصبحت فكرة قلمين شجرة ذات ظلال وارفة.. وبعض قصار النظر يصفون ظلال الفكرة بالبدعة، وهؤلاء كمن يحدق في سبابتك حين تشير بها إلى القمر..!! :: وكذلك الدورة المدرسية التي تحتفل بها مدارس السودان بولاية النيل الأبيض ..هي أيضا فكرة جادت بها قريحة أستاذنا الراحل حسن مختار بصحيفة الصحافة في العام 1974..رحمة الله عليه، لم يتخل عن قلمه الساخر إلا قبل رحيله بأسبوع، في نوفمبر العام 2004 ..نهلنا من خبرته، وكنا في مهد المهنة صبياناً..وكان مختار موسوعة في الفن والأدب والصحافة.. وكان ساخراً بلا إساءة، و شجاعاً بلا حماقة..وعندما أرهقه المرض، وعجزت يده عن الإمساك بالقلم، لم يستسلم..يأتي الى مكاتب ألوان فجرا ثم ينتظرنا لنأتي ضحى، ونكتب له ما يمليه علينا بسلاسة وذاكرة مدهشة..!! :: وفي الخاطر بعض حكايات الزمن الجميل، وحرص مختار على تفاصيل النص ..(هنا أعمل شولة.. يلا افتح القوس ..ابدأ فقرة جديدة.. وين علامة التعجب؟.. دي جملة إعتراضية.. و..)..وهكذا كان يحاضرنا مختار حين يُملي علينا زاويته الرشيقة (حزمة تفانين)، فتخرج الزاوية رائعة، ونكون قد تعلمنا الرسم بالكلمات..وبين النص والآخر، نداعبه بأسئلة مشاغبة : ( يا أستاذ ليه هنا شولة واحدة؟، كدى الليلة نجرب شولتين تلاتة ونشوف يحصل شنو)، فيرد ساخراً : ( شولتين تلاتة دي بيكون علموكم ليها ناس ثورة التعليم العالي، نحن ما أدونا ليها)، ونضحك، ليُشعل سيجارته و يواصل السرد ..!! :: له الرحمة.. دعوه - في العام 1996 - لتكريمه في الدورة المدرسية بعطبرة..وعندما جاءه دوره في إستلام الشهادة التقديرية، إكتشفوا بأنهم لم يطبعوها ..ثم وعدوه بالإستلام في الخرطوم، ولم يستلمها حتى يوم رحيله إلى رحاب الله.. فالدورة المدرسية إحدى بنات أفكاره..ثم نزلت الفكرة إلى مدارس بلادنا..فتبنوها وغرسوها، ثم صارت بالري المنتظم شجرة ذات ظلال تحتشد تحتها طاقات التلاميذ ومواهبهم..وهي شجرة لتلاقي أبناء البلد تحت مظلة القومية ليتعارفوا ويتآلفوا على حب الوطن..أوهكذا طرح مختار فكرة الدورة المدرسية..!! :: فالغاية ليست هي أن يأتي فريق من الشمالية أونهر النيل ليتبارى - في منافسة ما - مع فريق شمال دارفور أو النيل الأبيض، وينتصر ثم يعود بكأس المنافسة، و ( خلاص) ..ما هكذا جوهر الفكرة .. بل، كل فريق عائد إلى موطنه الصغير يجب أن يعود بحب الفريق المنافس وموطنه الصغير.. وحاصل جمع حب هذه الأوطان الصغيرة هو الذي يرسخ في قلب الطالب حب الوطن الكبير..وما أعظم القلب المملوء بحب (الوطن الكبير)..وما أعظمك أستاذنا حسن مختار وأنت تمر عفيف الخطى، وتاركاً ..( هذا الأثر)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة