ساعات قليله تفصل بيننا والشهر الكريم ، شهر رمضان شهر التوبه والغفران وأمنياتى بالتهانى لكل المسلمين فى أى مكان وللشعب السودانى صيام وقيام مقبولين ونسأل المولى عز وجل أن يعيده علينا ونحن فى أمن وأمان وصحة وسترة حال لجميعنا يارب. وأنا فى هذه اللحظة تدور فى ذاكرتى ذكريات جميلة وخالدة وهى شريط طويل وحافل بالنوادر والقصص والمواقف أعود الى سنوات طفولتى الاولى وأتذكر رمضان وأول مايأتى فى تلك الذاكرة الجميله الاستعدادات الاولى والزريعه مفروشه في الحوش فى المرحلة الاولى وهى مغطية بالبرش الكبير وموضوعه من فوقها الحجارة و(الطشت) وبعض قطع البلاستيك والشوالات حتى تحتفظ الزريعة بأكبر كمية من الرطوبة وكل يوم نقوم برشها بالماء ونتسابق أنا واخواتى لنقوم برشها ويدور الصراع وكل واحدة تريد ان تكون هى الاول. وتقضى الزريعة فترتها وندخل ايدينا داخلها وهذا ممنوع لكننا كنا نستمع بالدفء الذى نجده في أيدينا ولانعمل ذلك الا سراً لان ذلك ممنوع ويجب ان تحتفظ الزريعه بالتغطية الكاملة. وماهمانا مادام أننا حنعمل شوية شيطنة. ننتظر ان يتم يوم قلع الزريعه والتى تكونت قد نبتت وأصبحت لها جذور نشارك في قلعها من البرش باستمتاع ونفتفتها بايدينا ونحن في حالة سعادة غامرة وتطول ساعات الفتفته لان الزريعة متشابكة ونعتبر ذلك أهم واجب فى البيت رغم ان هناك واجبات اخرى ممكن ان نقوم بها لكن لتفتيت الزريعة طعم خاص أولها أن رمضان جاء وهذه الزريعة تأخذ حوالى اسبوعين تقريباً ولانتضايق من سؤال أمهاتنا وخالاتنا وعماتنا الباقى كم لى رمضان ؟ والزريعة حنقلعها متين؟ وبعد ان تجف الزريعة بعد تقليبها فى الشمس الساخنة ، ننتظر اليوم الذي يتم أخذها الى الطاحونة واعادتها فى نفس اليوم وهو يوم عيد صغير لاننا سنبدأ فى المشاركة وتجهيز الدقيق الذى تجهز له كمية من البهارات باشكالها وألوانها وتغلى المياة لتصب في الدقيق وتوضع داخل الازيار التي تحفر لها حفرة كبيرة تسمح ببلع الزير كاملا وتغطى بفوطة وغطاء خشبي في انتظار أن تتخمر وتفور وتتغير رائحة البيت ونتهامس فرحانين رمضان قرب وهذه الحفرة دائما تكون خلف البيوت وفي واحد من اركان البيت، وتظل خلطة العجين هذه لفترة من الوقت والناس منشغلة ويكون السؤال الاول بين زميلات الفصل (عستو الحلو مر) وكل واحدة تتم في بيتها العواسة بشكل اسرع من الاخريات تتباهى بذلك وكأنها عملت عملاً كبيراً. وعندما يتخمر أو تتخمر تلك الازيار المليانه بدقيق الحلو مر ، تكون نساء الاحياء وزعن الادوار وهى موزعه وشبه ثابته بشكل سنوى والبيوت الكبيرة الافضل للنسوان للعواسة ، الاطفال اولاد وبنات مهمتهم الاولى تجهيز الحطب وتكون داخل البيوت قطع خشب كبيرة ضمن الاستعدادات الخاصة لرمضان ولما نسمع صوت كسار الحطب يطلب مننا اولاد او بنات ان ننادى كسار الحطب وكسار الحطب يعرف ان شغله يزيد قبل شهر رمضان لان الناس يجهزون الحطب والقطع الكبيرة لتكسر بحجم صغير وتوضع داخل شوالات وتترك في ركن البيت لان شقاوة الاطفال واللعب من الحطب ربما سبب لهم الجروح واللعب يكون الاطفال لايلبسون الاحذية، وياحليل زمن السفنجة جوة البيت والشدة للمدرسة. تقدر الامهات ان العجين استوى ويحددوا يوم لعواسة الابرى وكل مجموعة نساء لديهن شلة ثابتة ، صاحبات ، قريبات ، أو جارات فى الحلة ، وتبدأ الروائح تفوح تبدأ ريحة الحطب أولاً وبعدها تعطر ريحة الحلو مر كل الاماكن والاطفال بحاسة الشمس يعرفون وين بيت العواسة والنسوان مجموعات والجو ساخن وهن جالسات في راكوبة كبيرة وشعاع الشمس يدخل من مكان فيحشوا المكان بالاوراق أو تضعن قطعة من البرش أو الخيش أو القماش لوقف دخول الشمس وكلهن اجسادهن ممتلئة بالعرق المتدفق من الرؤس والوجوة ، وبشكل عفوى بقطعة طرحه تقوم واحدة بمسح العرق (قش العرق) وفناجين القهوه مدورة بعد الفطور وأثناء العواسة ومرة شاى ومرة قهوه والمويه الزير قريب وتقول واحدة (يابت أمى أملى لى الكوز ده موية) وتشرب الواحدة منهن كوز الموية كامل لانه بعد قليل سيتحول الى عرق،وهن مواصلات في العواسة وأول ماتظهر (الطرقات الاولى) نمد ايادينا لأكلها وهى ساخنة ويبدأ الخطف كل واحدة تخطف من أختها أو صديقتها وقطعة الحلو مرة ساخنه حتى كانها تقرب ان تشوى الجلد ، ويفرغن من جردل والتانى والتالت ، والناس يتبادلن الجلوس والموضوع يحتاج لصبر طويل والكميات تكون كبيرة لان الدقيق يتمدد بعد عجنه، ولكن أمهاتنا الصابرات بلا كلل أو ملل يستمر عملهن ، ونحن نذهب الى المدارس ونعود وهن فى تلك الحالة لايام ، ولاينتهى يوم عملهن الا قرب مواعيد الغداء وكل واحدة لابد أن تجهز الغداء لزوجها بيديها وهذا نوع من تقديس الحياة الزوجية. ويطول الموضوع ليأخد أكتر من اسبوع أحيانا ومجموعات النساء كلهن في بيوت مختلفة ، وبعد اليوم الاول يشربن من الحلو مر الذي خلص في اليوم الاول. وفي المرحلة التانية تكون عواسة (الابرى الابيض) وعمله أقل بكتير من الحلو مر ومنذ أول (طرقه) يجهز الثلج والسكر والجكوك الكبيرة وتوزع (المليانه بالابرى الابيض) لكل الحضور وهو عبارة عن وجبة كاملة تملأ البطن وتكاد أن تنفجر ، وهناك زيادة سكر وزيادة موية باردة (للزول الشاطر) الطفل أو الطفله البتسمع الكلام. يحفظ الحلو مر بعد أن يجفف فوق العناقريب أو السراير ويدخل داخل الحلل الكبيرة وجرادل البلاستيك وكل الحلة ريحتها واحدة. نحن الاطفال نجرى وننطط رمضان جاء وماهى الا ايام ويجى رمضان وتبدأ استعدادات أخرى قبل ذلك بأيام حيث يقوم رب الاسرة بتجهيز القروش لشراء كميات كبيرة من السكر والدقيق والزيت واللحمة والخضار والنساء يدخلن في الصناديق لتوفير شراء بعض العدة (ان شاءالله كبايتين وحله ). فهى مشاركة. المقال الجاى بكلمكم عن المسحراتي واليوم الاول في رمضان وصيام الضب والصداع الشديد وجغمة الموية من الماسورة في الحمام وتستمر مقالاتي الى التراويح والمسلسلات وطرائفها وزيارات مابعد التراويح ورمضان فى الغربة القاسية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة