نبدأ بطرح بعض التساولات كمقدمة لماذا حاول القائد ياسر عرمان في محور الاتفاق مع المؤتمر الوطني في دمج الجيش الشعبي لتحرير السودان في مليشيات المؤتمر الوطني وهو يعلم يقينا أن المليشيات التي كونها نظام البشير لتنفيذ حملاته الإجرامية ضد المواطنين هي قوات خاصة بالنظام وانشئت من أجل إرهاب المواطنين وقتلهم بدم بارد كما هو حاصل لأهل الهامش في السودان وحتى في داخل المدن وهي مليشيات غير شرعية ويصرف عليها من مال الشعب المنهوب بيد النظام وزبانيته لذلك لا يجوز لمقاتلين شرفاء مثل ( الجيش الشعبي لتحرير السودان ) حملوا السلاح من أجل ثورة مقدسة تنادي بالعدالة والحرية والمساواة وتحمل فكرا لمشروع السودان الجديد وطن يستوعب الجميع أن تضع يدها على يد هولاء القتلة الخارجين عن القانون وليس لهم هدف غير الثراء على سفك دماء الضحايا الابرياء والتلذذ باغتصاب النساء وذبح الاطفال والشيوخ؟؟ أن قائد هذه المليشيات المدعو محمد حمدان المشهور ب حميدتي ظهر في لقاء تليفزني قناة سودانية في برنامج حال البلد فذكر بأنه حمل السلاح بدافع عنصري أو كما جأ في سياق الحديث لأنه يدافع عن العروبة والافارقة هم أعداه هذا ما لمح به فرجل مثل هذا لابد أن يحاكم لجرائمة ضد الشعب السوداني . ياسر عرمان ومن معه يعلمون جيدا أن حكومة المؤتمر الوطني عصابة إجرامية وليست حكومة شرعية للشعب السوداني لأنها انشئت بسرقة ثورة شعب وهم مجموعة من اللصوص سطوا على سلطة الشعب المتخبة ديمقراطيا بقوة السلاح وتأمروا على الشعب السوداني مع ثلة من اصحاب المشاريع الجهنمية التي اوقدوا في السودان نار العنصرية والجهوية والفساد وللأسف ثلة مكونة من رئيس انتخبه الشعب السوداني وهو السيد الصادق المهدي ووثق فيه وظنوا أنه الرجل الذي سيقود السودان إلى بر الأمان ولكنه غدر بهم وطلع مخادع فهو سرق الثورة من الشعب السوداني وجييرها لصالح ممن اتفقوا معه (الجبهة الإسلامية القويم بقيادة ) في الفكر الهدام ولقد ذكر الراحل الشيخ حسن عبد الله الترابي تفاصيل المؤامرة التي تمت ضد الشعب السوداني بهندسته كزعيم للجيهة القومية الاسلامية وبمشاركة مجموعة العساكر المنتمين للتنظيم والمنفذين وعلى رأسهم عمر البشير قاموا بما يسمى بإنقلاب ثورة الانقاذ الوطني في 30 يونيو 1989م المرجع قناء الجزيرة في (برنامج شاهد على العصر الذي يقدمه الاستاذ أحمد منصور ) مما يعني ان الشعب السوداني ظل يعيش حدعة لمدة 27 سنة لدرجة الاندمان حيث اكتسى فيه السودان ثوبا حالك السواد مملؤ بالدمار والخراب والحروب الإبادية المنتشرة والتي يقودها النظام بهذه المليشيات الارهابية في دارفور والنيل الأزرق وإقليم جبال النوبة فلن يستطيع القائد ياسر عرمان ومالك عقار إقناع جماهير الحركة وجيشيه الشعبي بأنهما كانا يريدان خيرا بتنازلهما عن مشروع السودان الجديد الذي استشهد من أجله ارتالا من شبابنا الثوار فداءً له . بل يعلم الناس جميعا أن نظام المؤتمر الوطني أقام دولة تجاوزت القبضة البوليسية بهدف هضم حقوق الشعب السوداني إلى حد أن وضع الشعب السوداني في سجن كبير محاط من كل جوابنه بتلك المليشييات المدججة بالسلاح لقمع الشعب إذا تحرك لمنعه عن التعبير عن نفسه بالرغم من معاناته الأليمة مع الظروف الحياة القاسية في غلاء المعليشة والأمراض والاوبئة التي تحاصر الشعب في كل مدن السودان وتقف وزارة الصحة السودانية عاجزة للتصدي لها بل تنكرها خوفا من الفضائح وتفضل أن يموت الشعب بدلا من معالجته وهذا طبعا دليل على فشل ما يسمى بالحكومة في إدارة الدولة والتي تصرف الأموال ببزخ في المؤتمرات المضروبة وتعين تعيينا جيش من الوزراء بلا برامج مدروسة ولقد تسببت الاوضاع المتفاقمة إلى هجرة العقول ونعدام الكوادر الوطنية المؤهلة وتلك من مصائب الدولة السودانية المنهارة . بجانب ذلك لقد قام نظام المؤتمر الوطني الدكتاتوري منذ أن استولى على الدولة في 30 يونيو 1989م بحملة عنيفة لتفكيك الدولة السودانية ووضع لها مسمى ( التمكين ) حيث قام بتفريغ الدولة من مؤسساتها ومن محتواها بتسريح أعداد كبيرة من الكوادر المؤهلة التي كانت تدير المنشاءات الحيوية في الدولة ولقد اطلق النظام على تلك العملية الصالح العام وفي الواقع هي عملية عنصرية بغيضة اجتاحت كل مؤسسات الدولة وشملت القوات النظامية وركزت بشكل رئيسي على القوات المسلحة السودانية الجيش السوداني كمؤسسة عسكرية قومية فعمل على تحطيمها وتفريغها من محتواها بإحالة اعداد كبيرة من الضباط الغير مواليين للجبهة الاسلامية القومية إلى المعاش وبهده الطريقة استطاعت العصابة القيام بعملية الإحلالها ( الصالح العام ) وتمكين الوالين لها في استلام المناصب العليا في الجيش والشرطة حتى لو كانوا دون المستوى . وحتى يضمن المؤتمر الوطني او حكومة الإنقاذ الوطني آنذاك استمرارها في السلطة تعمقت في عملية الإحلال التى ارتكزت على الجهوية والعنصرية والولاء الحزبي فتم بذلك إقصاء كل من ليس منهم ببعاده من القوات المسلحة التي اصبحت فيما بعد مجموعة تتبع لحزب المؤتمر الوطني وجلهم من عائلة واحدة أو أنساب وأقارب وهذا يعني الدولة السودانية لا تملك جيش وطني انما جيش يتبع لنظام اغتصب الدولة من الشعب وسخرها بالكامل لمصالحه الخاصة وما يزيد الطين بله يتبنى النظام المليشيات والتي اطلق عليها اسم الدعم السريع وهي مكونات طفلية من تجار ماشية وقطاع طرق وعكف النظام على تدريبها لتصبح ذراعه الايمن واغدق على أفرادها بالمال وولاهم المهام العليا في أمن الدولة واصبحوا في موقع افضل من القوات المسلحة السودانية ويجدون الدعم المباشر من الرئيس البشير شخصيا يهتم بهم أكبر من الجيش السوداني الذي تم تكوينه لصبح خاضع للنظام لا للدولة . وفي خطوة استباقية لقد قام البرلمان السوداني بإجازة قانون يعطي شرعية لتلك المليشيات العشوائية ولتصبح جزء من قوات نظامية ضمن الجيش السوداني بدلا من أن يتم محاكمتهم عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها بحق المواطنين الابرياء في دارفور وجنوب النيل الازرق واقليم جبال النوبة ولقد جأت هذه الإجازة من البرلمان على خلفية طلب الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحريرالسودان في احدى جولات المفاوضات من نظام البشير بضرورة حل جميع المليشيات التابعة للنظام وبعد ذلك يتم دمج جيش الحركة الشعبية لتكوين جيش قومي واحد وهذا بالطبع يتم بعد التوصل إلى اتفاق سياسي بضماناته ولكن الحكومة رفضت ذلك وسارعت في خلق هذا القرار لقطع الطريق على الحركة الشعبية فتصبح تلك المليشيات الأجرامية ضمن قوات نظامية تابعة للنظام وحتى هذه الجزئية التي ذكرناها لا تلبي اي شيء من مطالب الثوارة الذين حملوا السلاح بشانها لأنها تعتبر خطوة نحو مقصلة النظام الذي نعرفه جيدا بعدم إلتزامه بأي اتفاق لذلك كان ضروريا أن يتحرك الثوار لتكوين جسم مثل مجلس التحرير إقليم بجال النوبة لتدارك الموقف بعد الملاحظات التي دلت على انحراف المسار وما رشح من مجمل العملية التفاوضية في سقوط المطالب الجوهرية والمصيرية التي ظل ينادي بها قيادات الحركة الشعبية في خطابهم السياسي سابقا تدنت إلى خطاب هذيل مبتور المعاني . فهذه الوضعية ما كان يجوز لياسر عرمان واتباعه مجرد التفكير في التعامل مع هذا النظام في مثل تلك الصفقة المشبوهة التي توارد ذكرها في الوسائل والمقالات والمدعومة بالنصوص الخاصة بالترتيبات الأمنية والتي دست في ملف المفاوضات الجولة 15 الخاصة بالملف الإنساني والمساعدات هذه مهذلة حقيقية ولقد كانت أحدى دواعي إستقالة القائد عبد العزيز آدم الحلو فأن دمج جيش الحركة الشعبية في مليشيات المؤتمر الوطني أمر مستحيل لأن الثعبان مهما غيير جلده سيظل ثعبان يحمل السم الزعاف . محمود جودات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة