انتصب الخليفة الراشد واقفاً بقامته المديدة على منبر المسجد.. لاحظ الخليفة فيما لاحظ من شؤون الرعية ظاهرة ارتفاع مهور الزواج رغم أن الحديث الشريف يقول أكثرهن بركة أقلهن مؤونة.. أراد الخليفة أن يصدر مرسوماً رئاسياً يحدد فيه سقوفاً منخفضة للمهر الذي يُقدَّم للعروس.. إلا أن سيدة شجاعة تعترض على تدخل الخليفة في أمر يقع خارج اختصاصه، وربما تكون له توابع سالبة.. لم يسأل الخليفة عن ولي المرأة ليلومه على طول لسان مجبرته.. بل قال عبارته المشهورة "أخطأ عمر وأصابت امرأة".. أضيف القول المأثور لأقوال أخرى تحض على إشاعة الحريات يوم قال" متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً". قبل أيام تحدث رئيس الجمهورية في فاتحة المؤتمر التنشيطي لقطاع المرأة بالحزب الحاكم.. في البدء يستحق الرئيس الإشادة لأنه اختار أن يخاطب شخصياً هذا القطاع فيما انتدب آخرين ليخاطبوا نيابة عنه قطاعات أخرى.. كما يمتد التقدير على حرص الرئيس أن تكون حصة المرأة كاملة غير منقوصة في كل المؤسسات الوطنية.. حتى شهادته بأداء وزيرات الحكومة كانت تمثل أيضاً قدرته على انتقاء ذوات الكفاءة حين التدافع على المناصب . لكن ثمة ملاحظات على ذاك الخطاب بعضها يقع تحت باب النوايا الحسنة .. حينما يعترض الرئيس على زواج التراضي دون أن يقدم تبريرات مقنعة يظن البعض أن الرجل الأول يدعم زواج الـ (لا تراضي).. زواج مجبرتي بعض من مكونات الثقافة الراكزة في الأرياف دون هدى من مقاصد الدين.. حتى حماس الرئيس لفكرة الولي لم يكن المُستحسن إعادة جذورها للقيم والثقافة السودانية .. كان من الأوفق إعادة تفسيرها وفق منطوق الدين.. هنا لابد من الإشارة أن أغلب المذاهب الفقهية جعلت للولي (فيتو) أو حق اعتراض يمكن نقضه أمام قاضي المسلمين. هذا يعني أن جوهر الزواج قائم على التراضي بين الزوجين. الأمر الثاني الذي ركز عليه السيد الرئيس كان حول مؤخر الصداق.. رؤية الرئيس أن ذاك المؤخر يمثل فوائد ما بعد الخدمة للزوجة التي ينتهي زواجها بطلاق بائن.. استخدام تعبير (فوائد ما بعد الخدمة) يضع مؤسسة الزواج في إطار مادي لا أعتقد أن الرئيس كان يرمي لذلك.. لكن الأهم من ذلك أن الرئيس كان مصراً على رفع سقف مؤخر الصداق حتى إنه ترجّى المؤتمِرات أن يضعنه ضمن التوصيات .. وبما أن توجيهات القائد ليست سوى تعليمات في لغة لطيفة. في تقديري أن اجتهاد الرئيس يستحق دراسة أخرى.. رفع سقف مؤخر الصداق سيبرز أزمة أخرى تكون علة جديدة تعوق إقبال الشباب على الزواج.. تعقيدات الحياة جعلت أبغض الحلال مخرج طوارئ يخرج عبره المضطرون.. الآن الشباب يشكون من ارتفاع تكاليف الزواج.. واحدة من أسباب هذا الارتفاع التباهي والتفاخر .. لو أن الرئيس وجه نساء حزبه ورجاله أن يقدموا الأسوة الحسنة لنَال من الأجر نصيباً كبيراً.. الآن باتت سرادق الأفراح تخصص أماكن منفصلة للشخصيات المهمة (VIP)..هنا تُمارَس التفرقة الاجتماعية في أسوأ صورها.. الطعام غير الطعام والمشروبات تختلف.. رفع مؤخر الصداق يعني إضافة بند جديد ربما يصعب من الإقبال على الزواج. بصراحة.. كان من الأفضل أن تأتي تحفّظاتي هذه من سيدات ذاك المؤتمر.. لو أن الشيخة سعاد الفاتح أبدت بعض التحفظات لقال الرئيس أصابت سعاد ولم يحتاج الفقير إلى الله أن يرسل هذه الرسالة دون أن يكون متأكداً وصولها إلى العنوان المراد أو المفهوم المبتغى. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة