إن مسألة إسقاط النظام اصبح واجب وطني يستدعي من كل الأحزاب السياسية لتحريك القاعدة الجماهيرية لاقتلاع هذا النظام الفاشي. كما إن الوقائع السياسية باتت كاملة الشكل على مرآءة المجتمع من فساد وقمع الحريات وترضى الوضع الاقتصادي المتمثلة في السياسات التقشفية التي انتهجتها النظام في الأونة الأخيرة بالإضافة إلى حمامات الدم على مستوى الصراع الدائرة التي سحقت الألف من أرواح الأبرياء من ابناء هذا الشعب. كل هذه الارهاصات يمكن أن توظف لصالح ثورة شعبية يسقط النظام في مزبلة التاريخ.
برغم من خلاف البعض من القوى المعارضة حول كيفية تغيير النظام بالاخص في مسألة اتباع اية من الوسائل لاسقاطه إلا أن الواقع الان يوضح ضرورة التخلى والابتعاد عن مثل هذا النوع من التفكير الذي يمد من عمر النظام في السلطة، ولابد أن يحل مكانه تفكير أكثر مرونة يجمع بين القوى السياسية تحت هداف هو تغيير النظام أولاً .
المشهد السياسي السوداني الان به كل الوسائل المتاحة لاستغلالها في احداث الحراك الثوري اية إن كانت وسيلتها أو طبيعتها بقدرما إن المؤشر نجاح الثورة المدينة تبدو نسبتها ضعيفة إلى حد ما إلا أننا يجب علينا قيادة تجربتها مهما يكلف الأمر من عناء، وضرورة أن يتفق القوى المدينة مع نظيرتها في الحركات الثورية المسلحة في خطة تجربة الزحف نحو الخرطوم لأن التغيير اصبح حاجاتنا الأولية لتحرير السودان من وضعية استعمار جماعات الحركة الإسلاموية .
الأمر الذي كثيراً ما يستنزف قوي المعارضة وشق صفوفها هي فكرة ان الحرب والقومية حقيقتان واقعتان يقودها النظام بتبرير أن هناك مؤامرة ضد العروبة يقودها الحركات الثورية، وبالطبع هذه وضعية النظام في التعامل مع الصراعات الدائرة في السودان وحتى تشق وحدة المعارضة ما كان على النظام إلا بأن تستخدم هذه الورقة لتغبيش وعي بعض الأحزاب ذات النزعة القومية الضيقة . لذا على القوى الرافضة هذا الوصف الذي يتمثل في حقيقة النزعة الأحادية التي تستخدمها النظام لتصفية خصومها وتشتيت وقوة المعارضة يعتبر هذا الأمر واضح دون أي مزايدة . ببساطة لأن سيطرة الأفكار الأحادية الضيقة بطبيعتها تجعل من روح التمسك شبه مستحيلة وهذا هو الفشل الملازم الذي سوف يتربع مجددا إذا لم نتدركه من الآن سوف يعكر الانتفاضة مجددا.
و لاي ثورة حتى تكون ناجحة بالضرورة أن تكون قابلة للحياة والاستمرارية ويجب مشاركة كل الوجهات بصورة شعبية واسعة لتحقيق فعل التغيير وان يعمل الشعب على حماية الديمقراطية من أي طرف يسع لسطوة عسكرية مجددا. ولبناء مجتمع سوداني متمسك في فعل التغيير عليه أن يقوم على شرطين: 1-ترسيخ الوعي وسط الجماهير بالدرجة التي تحقق التحرك في جميع ولايات السودان حتى أن كانت في أوقات متفاوتة نسبياً لضمان استمرارتها وتمسكها وذلك ما يجعلها صامدة إمام جبروت النظام، والمحرك الفعلي لهذه الثورة هو الوعي الجمعي بالظلم الذي وقع على كل مكونات المجتمع السوداني . 2-تقوية الرابط بالأهداف بين التنظيمات السياسية المختلفة في وسائل التغيير و إن يكون الهدف العام هو تغيير النظام في المقام الأول بالوسائل المتاحة التي تحقيق متطلبات المرحلة بإمكانية دعم الثورة مسلحة، و على ألاحزاب المدينية تصفية النظام سياسياً وتعريته أخلاقيا بحملات توعوية في الشارع العام كما يفعل (حزب المؤتمر السوداني) مع دعم الثورة المسلحة التي سوف تكون على اتم الاستعداد لحماية الثورة المدينة حيال حدوثها و قد تكون هي جاهزة للزحف نحو الخرطوم.
أما إذا بقيت الوضع كما حال باقى الأحزاب التي تنتظر تحلل النظام تحلاً عفويا (هذا يعتبر موقف تواطئي غير معلن مع النظام) لأننا سوف ننتظر طويلا إلى ما لا نهاية.
وما يجعل الإشارة إلى هذه النقطة هو الفهم المغلوط عند بعض القوى السياسية المدنية حول الوسائل واستراتيجية الحركات المسلحة حيث دائما يبقى الأمر مغلوط في النقاشات التي تظهر من خلاله عدم فهم ما يميز ظروف ممارسة الديمقراطية في حالة الاستقرار السياسي في الدولة أو ممارسة النهج الديمقراطي في التنظيمات المدنية، بالطبع يختلف الحالة في الحركات النضال المسلحة لأن افتراض نظرية الديمقراطية في الحركات الثورية قد يهدد عمر الثورة المسلحة و حتى تبسط السيطرة على وضعها الداخلي والمحافظة عليها يحتاج إلى بعض من التعامل الثوري في أدارة شؤونها التنظيمي وذلك خوفاً من التفكك في داخل اروقتها ، وتعتبر هذه ظروف موضوعية داخل العمل الثوري و قانونها التي تضمن استمراريتها، وليس صحيح الصوت القائل أن هذه الحركات الثورية سوف تعيد تجربة الحكم العسكري في السودان وما يؤكد عدم صحة هذا القول هو أن هذه الحركة خرجت من رحم ثقافة مدنية والذين يقودو الثورة هم مدنيين في المقام الأول ولأسباب محددة لجئت إلى الكفاح المسلح، ومازالت تدعم خيار الانتفاضة الشعبية كواحدة من الوسائل المتاحة .
على العموم الواقع الذي يمر به السودان اليوم يهدد تمسك الدولة في النسيج الاجتماعي لذا يتطلب تجاوز الأفق الضيق تجاه القوى الثورية لأنهم الان القوى الأكثر استعداداً لقيادة المعركة لإسقاط النظام، لذا لابد من إدخال انقطاع في صيرورة المفاهيم التي قامت عليها بعض من الأحزاب التي كانت أكثر الصور حضوراً في فشل تمسك الثورات السابقة التي وصفت بأنها ثورات هشة وقصيرة المدة و وصمة أيضا بالتواطئية بين النخب في عدم استمراريتها. لذا ليس بالضرورة أن تكون ارضيتها الوراثية المرجعية للثورة القادمة، ولا أنكر مساهمتها في تخليص السودان من حكم عسكري في فترة قصيرة كما أنني لا ابني الآمل عليها بذايتها التاريخية المثقوبة التي وصفت بسرعة الاضمحلال والانفلات اللامنتاهي وسط قادة تلك الفترة التاريخية من السياسة السودانية.
هنا مرحلة جديدة لذا علينا ان نعي الدرسة والتخلي عن التقاليد القديمة في حشد الجماهير. لابد ان يسبق الثورة وعي جمعي يضمن قدرة الشعب للمحافظة على الديمقراطية حيال تحقيقها..
في الختام هذه رسالة لأحزاب الفكة في قاعة الصداقة(لا داعي لسلوك الموشح بالرومانسية السياسية الجامحة في التعاطي مع ظرفية الوضع المرير الذي يعيشه الشعب السوداني هيا أخرجوا منها وتعالوا إلى شارع التغيير)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة