ما يحدث من تقاعُس للمكوِّن العسكري بالحكومة الإنتقالية في مجال مُجابهة الإنفلاتات الأمنية خصوصاً في شرق السودان ، يجعل دولة رئيس الوزراء في (محك) حقيقي بين محاولة إيجاد حلول داخلية في أغلب الظن ستُواجه بالمزيد من التعنُّت من قِبل القوى المتآمرة على مسيرة التحوُّل الديموقراطي ، وبين اللجوء إلى معالجات (خارجية) تلعب فيها الولايات المتحدة ودول الترويكا وبقية الدول الأوربية الداعمة للتحوَّل الديموقراطي بالإضافة إلى المنظمة الأممية ومجلس الأمن وبعض المنظمات الإقليمية ، دوراً إستراتيجياً على المستوى السياسي الضاغط في إتجاه مصالح المشروع الديموقراطي المدني ، وذلك من أجل إفساح المجال لتنفيذ مُخطَّط الإنتقال الديموقراطي بحسب ما ورد في الوثيقة الدستورية ، دولة رئيس الوزراء المشهود له ببُعد النظر و(إبتداع) الكثير من الحلول لأخطر العثرات التي واجهت المكوِّن المدني في شراكته مع القيادات العسكرية في الحكومة الإنتقالية ، ربما ووفقاً لإمتناعه حتى الآن عن الإدلاء بأية تصريحات حول تصورَّاته لحلول تخُص إنتهاكات المصالح القومية الوطنية بالشرق ، يُبدي من خلف ستار ركونه إلى إختيار سلاح الدعومات السياسية الدولية الضاغطة ، وقد يلجأ أيضاً للإستفادة من بعض بنود الدعم اللوجستي المُتعلِّق بإستتاب الأمن كواحد من الشروط الأساسية التي يحتاجها إنجاز مشروع التحوُّل الديموقراطي ، والتي وردت صراحةً في البند السادس الذي وُضع السودان أخيراً وفق بنوده عبر حوكمة ورعاية مجلس الأمن الدولي ، حيث يمكن بالرجوع إلى مواده القانونية توفير إمكانية لتدخل البعثة الأممية لحل بعض المشكلات التي تواجه التحوَّل الديموقراطي مثل التي تحدث الآن في شرق السودان ، إذ يتضَّمن الفصل السادس 6 مواد تركز على معالجة النزاعات بالطرق السلمية وتعزيز بناء السلام عن طريق آليات أممية من بينها مفوضية بناء السلام ، وصندوق بناء السلام الذي يتبع مباشرة للأمين العام للأمم المتحدة. ويساعد هذا البند في حل النزاعات بالتسويات والطرق السلمية .
ورغم أن البعد السياسي (العميق) و(المُستتر) لما يقوم به الناظر ترك في شرق السودان من تعديات على المصالح (القومية) ، يُمكن لمكونات الحكم المدني الإفصاح عنهُ للرأي العام السوداني خارج إطار التصريحات الرسمية للدولة ، إلا أن التصريح به للرأي العام الدولي تواجههُ الكثير من الصعوبات المُتعلِّقة بالمصداقية والموثوقية ، كونهُ يحتاج لإطار قانوني يستند على إثباتات تدعمها الوقائع أو الإعترافات بأن ما يحدث في شرق السودان هو محاولات تستهدف عودة فلول النظام البائد أو تقويض المسار الديموقراطي أو محاولة تأسيس دولة شمولية ، وفقاً لمثول هذه الإثباتات يُمكن للحكومة الإنتقالية تبرير أيي محاولات للمعالجة عبر تفعيل القوة والإنتشار الشامل للقوات النظامية والأمنية والدفاعية الرسمية ، ولكن على ما يبدو في الواقع فإن تلك الإثباتات تظل مُتعذِرة وصعبة المنال ، فالناظر ترك حتى الآن لا يتحدَّث إلا عن تهميش إنسان الشرق وعدم عدالة توزيع الموارد والثروات ، فضلاً عن التوزيع غير العادل للمُعينات التنموية وهي مطالب مشروعة رغم إشتراطاته المُتطرِّفة المُتعلِّقة بالتهدئة والجلوس للتفاوُّض ، وعبر هذا المنظور يظل التكييف القانوني الذي يمكن من خلاله إقناع البعثة الدولية بالسودان بأن ما يحدث من إحتجاجات في شرق السودان (يستبطن) إفشال التحوُّل الديموقراطي خلف ستار المطالبة بحقوق إنسان الشرق أمراً صعب المنال ، وهذا ما جعل المكون العسكري بمجلس السيادة يُبرِّر بذكاء عدم تدخُّلهُ كقوات نظامية وأمنية ودفاعية بأن المشكلة سياسية وليست أمنية ، هل يستطيع دولة رئيس الوزراء أن يفاجيء الجميع (بحلول) إبداعية كما عوَّدنا لهذه العثرة الضخمة والخطرة في مسيرة التحوُّل الديموقراطي ؟ ، والتي حسب إعتقادي إن إجتازها بسلام ستبقى كل المُشكلات والأزمات القادمة في المستقبل (لاقدر الله) أقل وأضعف منها تأثيراً على مسيرة تمكين الشعب السودني من آماله في الإنعتاق والخروج من النفق المظلم.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 10/03/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة